مداد الأمل

 

وداد الإسطنبولي

تعثرت ونظرت إلى الخلف؛ فإذا به ساكن يرتكز على عكاز سمين، تراجعت خطواتي إليه ووضعت إحدى راحتي على ضفاف خده، لا أدري ما الذي دفعني لذلك؟

ربما استأنست به، تجولت ببصري عليه! أرض جرداء يابسة وكأنها مرت على سنين عجاف، كانت بناني ترتفع وتنخفض مع تعرجات السنين ببشرته، كنت بلا هدى أجول بأناملي لمعالم وجهه وهو قابع بلا حراك، فقد نأى بنفسه عن الضجيج وصخب الحياة، نظر إليَّ؛ فقدت التركيز بتجوال بصره وكأني أفقت من غفلة! لحظات التأمل طالت بيني وبينه أحاول إقناع نفسي بأنه لا يشبهني ولكن هناك قاسم مشترك بيننا، نظرة العيون وأشياء أخرى متشابهة، وتفاصيل من عمر طويل.

  • مخيف ومفزع، تحسست يداي ملامحي لازلت تلك الشابة بوجه مدلل، لا زلت مفعمة بالحياة.. معطاءة.. أبعث الدفء، وأعبث بشعري وأطير كالفراشة؛ فأنا الأنثى الحالمة وضعت أصابعي على فمي مستنكرة! ليتني تعثرت وأكملت المسير.. دون الالتفات للخلف، لا تحملني قدماي على الهروب الآن، بعث في نفسي العجز قبل الآوان.

قلت له وعيناه تحضن البسيطة وتروي ظمأه بمعانقة عيناه لي، فهما تلمعان بنشاط ذهني: هل تحاول أن تداهم عمري عجلا، فأنت تقع في جرم كبير من أنت؟ الوقت! أم الزمن! هل تعثرت بك لتسرق عمري وتكبرني قبل وقتي، أم تنبهني بأنك أنا؟

صه صه.. لا أريد منك حديثًا ألا تراني أني لم أصل إليك بعد، لماذا تواجهني الآن؟ انظر فأنا كتبت ولازلت أحاول أن أكتب عنك؛ فلا تطفئ مداد الأمل وتجعله خافتا فقد أسرعت في كشف الأوراق ومع هذا هناك رغم التعرجات شيء جميل سرني هو مادفعني بأن أتحسسه بأناملي، نظر إليَّ بملامح مبتسمة وأكملت الحديث: نعم أعلم أن خيطًا أبيض وجد لنفسه مسكنًا؛ حيث شاء، شقوق بسيطة غرست بين جنبات فمي، جفاف يحتاج إلى سقاية، وأتكأ على عصا لي فيها مآرب أخرى بعد تصلب الضلوع ولكني ابتسم وهذا يسبقني عنك بخطوات، تنهدت: كم أنت أناني، أوه…نسيت أنك أنا! ولكن أوافقك، وقتي يجري من بين قدمي بسرعة، ولا تعترض طريقي مرة أخرى، دعني اكتشفك بنفسي، وأشكرك.

كدت أقع على رأسي بماذا تعثرت؟ ما هذا عصا سمينة تناولتها لإماطة الأذى عن الطريق، وركنتها بزاوية لعل صاحبها سيهتدي إليها وأكملت المسير وثغري باسمٌ.