شماغ وأناقة

 

وداد الإسطنبولي

 

انتظرت أعد الدقائق على ساعتي الجدارية، طوال الوقت؛ لتدور عجلة الزمن بسرعة؛ لأذهب إلى تلك الدورة التدريبية التي أعدها مجلس إشراقات ثقافية، واعتدت حضوري له وتقيدي بأعماله المستمرة؛ لتطوير الأقلام وإنضاج العقول لما تقتضيه حاجة الأعضاء وهذه المرة كانت المحاضرة للأستاذ والأديب من دولة الكويت الشقيقة، وأعلم أن أهل الكويت لباقة وأناقة، واعتداد، والله جميل يحب الجمال؛ لهذا كنت أستعجل الوقت وجلست على طاولتي وأطلت النظر طويلًا فإذا شماغ وأناقة.

بروتوكول

لغة الاختصار، استخدم هذه اللغة في دورته، والمباشرة في كل شيء، وكأن الوقت يداهم الحدث، وكانت صفقته ناجحة في استعراض مقالاته، ورحلاته الطويلة العملية، والنظرية منها، وكان خبيرًا مقنعًا في شرحه، ورشيقًا في أسلوبه؛ يستمد مادته مما شاهده في رحلاته الكثيرة،  وما قرأه في مكتبته أثار غضبي، وليس غضباً بمعنى الغضب ولكن " حنق" إذ لم يجعلنا نكمل حديثنا أو مبرراتنا في ما يقتضيه الشرح، ويروح ويجيء، وتتقلص نظراته دون أن يتفوه بشيء، ويدفعك إلى الابتسام أحيانًا؛ فالرجل الأنيق يداري هذا بابتسامة، وتهذيب ودماثة؛ فـلربما هذا الأسلوب بروتوكول اتخذه من خبرة الحياة.

حسين الراوي

كانت دورته في مجمع السلطان قابوس جدًا مختصرة، وبدايةً كنت متذمرة، وقلت في نفسي ربما لا يفقه في إعطاء المعلومة بقدر أسلوبه الكتابي، وأحياناً بصوت المنولوج أقول: ربما متغافل عنَّا، وعندما أنظر حولي أجد الاستنتاج على بعض الوجوه، ولكن عندما رجعت إلى أوراقه التي قام بتوزيعها؛ لتبقى استفادة لمدى بعيد، وجدت أن الرجل أجاد فيما أراد بطريقة سهلة ومتقنة. وعلمت أن الوقت سريع والحكم عليه كان غير عادل فـلربما في جعبته الكثير، ولكن يحكمنا الزمن والوقت المربوط بالانشغالات. شريحته في السجاد الأبيض كانت كافية، ووافية في كتابة المقال، والنماذج السلبية في بعض المقالات، وسقف الكتابة الذي شبهه كما صرح بخط الاستواء معنويًا وحسيًا؛ حيث كل ما ارتفع سقف سطور الكاتب، احترق من شدة خطورة الحرارة المؤدية لنهاية الاحتراق.

شدني الفضول لمعرفة هذا الأديب، والبحث عن ماهيته، فقلبت صفحات الجوجل، ليست هناك سيرة ذاتية مطولة، ولكن هناك عناوين لمقالات عرفت من خلال سمته أنه خاض مخاضا صعباً، إلى أن وصل إلى نقطة ارتكاز لا يستطيع النزوح عنها. وهذا لا يتأتى في يوم، وليلة، وإنما من عقبات، ومطبات، وتحديات، وإسهابه في السطور ليس فراغا، وإنما آراء تطرح ليكون لها رؤية مستقيمة.

إن اختصرت دورته لكتابة المقال سأقول: إن كتاباتنا كرائحة القهوة، بقدر جمال رائحتها في الاستنشاق نتمنى أن تكون أكثر راحة في بث ما في نفوسنا، دون الحاجة الى أن نميل إلى ثقافة الرمز. وكلمة أخيرة لا يسعني إلا أن أشكر حضور الكاتب، حسين الراوي؛ على ما قدمه لنا في هذه الدورة التدريبية.