رضيع في سيارة والدته.. حتى انقطع نفسه

 

حمد بن صالح العلوي

al3alawi33@gamil.com

القارئ العزيز.. سعد صباحك، وأنار الله قلبك وفؤادك وبصيرتك، وطاب وقتك ودمت في خير وسلامة، وعشت في أمن وسعادة وهناء.

يكدر صفو فؤاد البعض، أنَّه لم تُنجب زوجته له ولدا ولابنتا، كان يأمل، بل يحلم، بأن ينادى بأبي فلان أو أبي فلانة. قال الله تعالى "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا".

المال والبنون، زينة، وما أحلاها من زينة، في حياتنا، أمور تشغلنا، لكن العقلاء، يعرفون أين يضعون موضع أقدامهم.

وحكايتنا اليوم، حكاية قصيرة، حكاية، من الواقع الأليم، الذي نحن فيه. كنَّا نقرأ من سنين خلت، وهذا يحدث غالبًا في سلطنة عُمان، محافظة جنوب الشرقية وتحديدًا في ولاية جعلان بني بوعلي، أن والدًا نسي ولده في سيارته (البيكاب)، بعدما اشترى حاجيات العيد، وحلاوة بأنواعها، ومكسرات بأشكالها، ثم تفقد ما اشتراه وبعد حين من الوقت تذكر ولده إنه كان معه في السوق.

وانتهت مثل هذه الحكايات والقصص؛ لأن بين الحين والآخر تُنفذ جلسات حوارية، ومحاضرات توعوية، حتى اختفت- ولله الحمد- مثل هذه الحكايات والقصص الحزينة، لأنه صار كل رب أسرة مسؤولا عن أسرته، وتعلم وعرف كيف يحافظ على أولاده وعياله وكيف يحافظ على أبنائه فلذات كبده.

وقبل يومين، قيل إنَّ أُمًّا نسيت رضيعها في سيارة والده بعد مجيئها من السوق. بعد ما ألقت نفسها وبكل ثقلها، على أقرب أريكة كانت في صالة المنزل، وبعد فترة من الوقت، استيقظت، لم ترَ رضيعها أمامها، ولم تسمع له صوتًا ولا همسًا.

فقفزت، والتفتت، يمنة ويسرى، نادت، ولم تسمع جوابًا، رجعت، وجلست، لتهدأ، ثم تعود، وتنادي وليدها، لعله يسمعها ويستجيب لندائها، لكن، لا مُجيب.

نعلم يقينًا، أنَّ كل من رُزق بولد أو بنت، نُبارك له، وندعو له بالخير، راجين أن يكون من البارين الصالحين المصلحين، فهنيئًا للوالد وهنيئًا للوالدة، وبارك الله تعالى لهما، إنها نعمة، وكثير من الناس من حرموا مثل هذه النعمة، وعليهما الشكر، على مارزقهما الله.

بربك، ماذا تقول فيمن نسيت رضيعها في سيارة والده، أي قلب تملك هذه المرأة؟

بعد أن اشترت ما احتاجته، تفقدت حاجياتها، ولم تتذكر وليدها إلا بعد حين، وما تذكرت إلا بعد ما انقطع نفسه، وتوقف قلبه، وتشنجت أعضاؤه، وما يدري المسكين أنها آخر صرخة في حياته.

أتذكر أنَّ أحد إخواني يوم أن كان في الخامسة أو السادسة من عمره، ضاع بين الزحام، ولم نلق له أثرًا، إلا بعد وقت طويل، أوشكت الشمس على المغيب، وإذا، "عمر" واقف لصغر قامته في حوض (البيكاب) يأكل (مينو)!!

القارئ العزيز..

حفظنا الله تعالى وإياك، وحفظ أولادك، وبناتك، واحمد ربك، على كل نعمة أنعمها الله عليك، وليحافظ كل فرد على أهله وعياله، ودمتم سالمين غانمين.