محمد أحمد.. روح في حويصلة طير

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

طفل بريء يحمل في ذاته براءة الأطفال وروحًا طيبة كنسمات العليل ووجهًا بشوشًا كبشاشة الفرح السعيد وسيرة حسنة تحملها روحه المرحة بين أقرانه وسائر أهله.

يعشق البادية التي تربى في أحضانها بعيدًا عن ضوضاء المدن، ينشد ترانيم الفلاة في جوها الجميل المنتهي بلا ضوضاء أو كدر يحيل لوحة الصفاء التي يعيشها إلى أجمل لوحة ربانية. ترعرع وعاش في كنف أسرة كريمة؛ فوالده ذلك الرجل الصبور المحتسب أجره على الله والذي تعرفت عليه منذ أيام قليلة نعم المربي والأب والمجاهد في سبيل السعي لعلاج ابنه. رحلة امتدت لخمس سنوات مع المرض مع ابنه الذي ابتلاه الله بمرض في نخاعه بين الهند وعمان وبين المستشفيات هكذا كانت رحلة محمد أحمد رحمة الله عليه.

فمنذ إصابته اجتهد الأب وكل أسرته من أجل علاجه فكانوا لحمة واحدة عايشت جزءًا من فصلها الأخير قبل وفاته. أخبرني والده بتفاصيل حياته الهانئة حتى إصابته وبعد شفائه لمدة ثلاث سنوات ثم انتكاسة المرض عليه من جديد أخبرني كيف كانت فرحتهم بذلك القدر وشكرهم الدائم لله.

في لحظات الرحيل جاءني والده يخبرني بوفاة ابنه وقد تهلل فرحًا لحسن خاتمته رغم أنَّه كان يخفي عني كمد فقده، وكنت مذهولًا من الخبر؛ حيث كنت أتمنى شفاءه عاجلاً ليعم السرور أهله وأسرته.

إلا أنني لم أستطع أن أنطق إلا بكلمة الإيقان: "إنا لله وإنا إليه راجعون".

فقد رحل محمد في شهر رمضان المبارك في شهر المغفرة الذي اختصه الله لعباده المؤمنين وهو طفل صغير لم يلامس معصية ولا اقترف ذنبا (وأحسبه عند الله كذلك).

رحل محمد في حويصلة طير تزفه بإذن ربه إلى جنات النعيم بعد مُعاناة مع مرضه، رحل وقد اختصه الله برحمته وشفاه من أدران الدنيا الفانية، رحل حاملا كأس المعين الذي سيسقي به والديه من أنهار الجنة بإذن ربه رحل ورحمات الله تحيط بالكون من حولنا وهو يُجاور ربه.

جزى الله والده ومحبيه من أهله جزاء الصابرين في مصابهم وعوضهم خير الجزاء وجمعهم به في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

فلقد رحل محمد أحمد- رحمة الله عليه- في حويصلة طير إلى جنان الخلد مع دعاء خالص من القلب لنا ولكم وسائر المسلمين في هذه الأيام المباركة أن يعفو عنَّا وعن جميع عباده الصالحين.