"طريق الجبل".. والبدائل المطروحة

 

محمد بن سعيد الرزيقي

ما زال مسلسل الحوادث المرورية على طريق الجبل "عقبة بوشر- العامرات" مستمرًا، فبالأمس القريب طالعتنا وسائل الإعلام بالحادث الذي وقع على هذا الطريق؛ نتيجة اصطدام بين ثلاث مركبات، واحتراق إحداها نتج عن الحادث خسائر في الأنفس والمركبات، مع وجود زحام شديد في كلا اتجاهي الطريق، وكانت الصور المتداولة للمركبات مأساوية، تقشعر منها الأبدان، ويهتز لها الكيان، وتذرف لها الدموع، وما كان أحد يتصور ما آلت إليه هذه المركبات؛ بحيث لم يبق منها إلا الفتات، رحم الله المتوفين وعافى المصابين.

يذكرني هذا الطريق بطريق عقبة ولاية قريات القديم الذي شهد الكثير من الحوادث المأساوية، وتلطخت طبقته الإسفلتيه بدماء ضحايا الحوادث؛ فلا تكاد توجد بقعة منه إلا وتشهد على وقوع حادث محزن أدى إلى الوفاة أو إلى الإعاقة المستديمة، وبالطبع نجا من نجا.

لا شك أن طريق الجبل (العامرات- بوشر) هو أحد منجزات النهضة الحديثة، وهو الطريق النابض الذي يشهد حركة كثيفة من قبل مرتاديه من سكان ولايتي بوشر والعامرات التي تشهد حراكًا عمرانيًا منقطع النظير؛ بل يعبر هذا الطريق معظم الغادين والرايحين من سكان ولاية قريات ومحافظة جنوب الشرقية، وهو الطريق الرديف لطريق وادي عدي، ونظرًا لقصر المسافة لطريق العقبة والوصول إلى ولاية بوشر التي بها مقرات الوزارات، والمستشفى السلطاني وغيرها، فإنَّ الكثير من الناس يسلكون هذا الطريق اختصارًا للمسافة والوقت.

على أن هذا الطريق مع ما استُفرِغ فيه من جهد بلغ غايته، وحرص القائمين عليه نحو توفير وسائل السلامة المرورية، غير أنه بات من الطرق التي يجب على مرتاديها أخذ الحيطة والحذر والانتباه لمفاجآته، لكثرة انحناءاته، كما إن الضغط على كابح السرعة أثناء الصعود يجعل من مبرد المحرك ترتفع حرارته، وهو ما يفسر مشاهدة العديد من السيارات الواقفة على جانبي الطريق خصوصًا في فترة الصيف، وكذلك عند النزول من العقبة، واستخدام الغيار (الجير)، والضغط على مكابح تخفيف السرعة، يؤدي إلى سرعة تآكل صفيحة (السفايف) عمّا لو كان الشارع مستوىٍ؛ مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان السيطرة على سرعة السيارة، والنتيجة الاصطدام بالجبل، أو التسبب في وقوع حادث أو انقلاب المركبة لا سمح الله.

ومن مُلاحظاتي الشخصية على هذا الطريق، وربما لاحظ غيري ما لاحظته؛ أنه لا توجد على مداخله سواء من جهة بوشر أو من جهة العامرات أي لوائح أو إرشادات واضحة بما يكفي تشير إلى عدم أو منع استخدام الطريق للمركبات الثقيلة، وهو ربما ما يفسر وقوع العديد من سائقي الشاحنات في فخ هذا الطريق، خصوصًا الذين يأتون من خارج محافظة مسقط، وعادة يسلكون الطريق المختصر الذي تدلهم عليه "خرائط جوجل"؛ وهذا نداء إلى بلدية مسقط، وشرطة عمان السلطانية لسد هذه الثغرة؛ بحيث تكون هناك تحذيرات وإرشادات مضيئة بالليل، ومترجمة إلى لغات أخرى كالأوردية والهندية والانجليزية.

وختامًا.. إن مما لا يختلف عليه اثنان أن عدد من يستخدمون هذا الطريق يزداد يومًا بعد يوم، وإن تكرار الحوادث المرورية، واحتراق المركبات أو تعطلها، وما تحدثه الأنواء المناخية من انهيارات جبلية، وما ينجم عن ذلك من بطء حركة السير، وتعطل مصالح المواطنين، كل هذا يستدعي من المسؤولين عن قطاع الطرق، إعادة النظر والتفكير والتخطيط بجدية نحو ايجاد بدائل لهذا الطريق، بحيث يكون أكثر انسيابية، وأقل خطورة، ويختصر المسافات والوقت، ولعل البديل المطروح الآن هو حفر الأنفاق في بطون الجبال، وللسلطنة تجربة ناجحة في هذا الشأن كأنفاق وادي العق على طريق الشرقية، كما إنها قد ثبت نجاحها في العديد من دول العالم. حفظ الله الجميع من شر الطرقات.

تعليق عبر الفيس بوك