رسالة إلى قارئة

 

سالم بن نجيم البادي

إليكِ أيتها القارئة النبيلة..

لقد سررت بمتابعتك وقراءتك لما أكتب أنا ضحيّ الغلبان المسكين، وسرني أكثر بوحك لي بمكنونات روحك المتعبة من ظروف مرت عليك في الماضي وتركت جروحًا غائرة في نفسك، ومشكلات حاضرة تنغص عليك حياتك.

حدثيني عن تفاصيل التفاصيل، اسكبي الدمع لا بأس عليك ولاحرج، أدرك أن الحياة زاخرة بالمنغصات والهموم وموت الأماني وظلم الآخرين وفراق الأحبة والأحلام الكاذبة. ولنتفق معًا أن فترات من الحزن واليأس تمر علينا كثيرا خلال سيرنا في مسالك الحياة الوعرة والشائكة، لكن أن يكون الحزن رفيق دربنا الدائم فذلك ما لا يُطاق، وأن يصل بنا الحال للاكتئاب وتمني الموت والكفر بالسعادة والإعراض عن مباهج الحياة الدنيا ومتعها التي أباحها الله تعالى، فإن هذا لا يليق بالمؤمن بالله الرحيم الودود الرؤوف بعباده السميع الدعاء لمن التجأ إليه وتمسك بحبل الله المتين.

سوف تقولين أيتها الفاضلة إنَّ هذا ضرب من المثالية وإن من يده في الماء ليس كمن يده في النار، ولو أنك في مكاني لعذرتني وأصابك ما أصابني من الأسى والأحزان واللوعة. حسنًا فقط دعينا نجرب الدواء الذي سوف أحدثك عنه أنا ضحي صاحب الخطايا والذنوب والتقصير في العبادات والطاعة والمحتاج إلى من ينصحني قبل أن أنصح غيري.

ما رأيك يا عزيزتي في تلاوة القرآن الكريم في كل يوم والمدوامة على ذلك دون انقطاع ولو جزء قليل منه ولو صفحة واحدة في اليوم، سوف تقولين لا وقت لدي؛ بلى.. عندك الوقت إنها صفحة واحدة في البداية ثم انظري بعد مدة سوف تشتاقين للقرآن إن لم تقرأيه كل يوم، حتى إنك لن تستطعي فراقه ولا الصبر عنه. ثم جربي الاعتياد على ذكر لله في كل حين، وسوف تسري قشعريرة الراحة والسكينة في قلبك وروحك وسائر بدنك. واذكرك- وأنتِ العارفة- بحلاوة ولذة ومتعة أداء صلوات الفريضة في خشوع وتذلل وإخبات وتبتل وخوف ورهبة ورجاء، وبث الشكوى للخالق العظيم وأنت ساجدة بللي ثوب الصلاة بدموعك الغالية. وبعد الفرائض تأتي النوافل، صلِّ ركعتي الضحى خلسة بعيدًا عن عيون الناس وضجيج الحياة الصاخبة. وفي هدأة الليل تجدين الصفاء الذهني والخلوة مع الذات والوقت الأنسب للصلاة والدعاء ومناجاة رب السموات والأرض، وكلما اشتدت عليك وطأة الأحزان انصحك بزيارة أحد أرحامك، فإنَّ في ذلك بعض السلوى والفضفضة عندهم قد تريح النفس ولو قليلًا. وفي  الصدقة على من هم في حاجة ماسة إليها راحة نفسية لا يجدها إلا من جربها عن قناعة ورضا وطيب خاطر وحبذا لوكانت هذه الصدقة في السر.

ومن الأعمال التى تزيل الكدر وتجلب الطمأنينة للنفس، كفالة الأيتام هنا أو هناك في البلاد الإسلامية الأشد بؤسًا وفقرًا، وذلك ميسر الآن عن طريق الجمعيات الخيرية ذات الثقة والمصداقية والسمعة الطيبة. وفي الأعمال التطوعية الخيرية، إشغال للنفس بما يفيد والهروب من الفراغ الذي يجلب الوسواس والتفكير السلبي والملل.

وفي الإنجاز والإبداع والنجاح تلو النجاح وأنت مبدعة- كما علمت- ما يشعل جذوة الأمل والتشبث بالحياة وانتظار الفرج وحسن الظن بالله والصبر الجميل واحرصي في كل الوقت على الحوقلة "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، مع تفويض الأمر كله لله وقراءة الأدعية المأثورة عن النبي عليه الصلاة والسلام والخاصة بعلاج الهموم وأوجاع النفس.

خذي نفسًا عميقًا ثم رددي من أعماق روحك "يا حي ياقيوم برحمتك استغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك".

وأخيرًا أتمنى لكِ ولجميع القراء الكرام حياة طيبة وسعيدة.