تخفيضات.. تخفيضات!

 

سالم بن نجيم البادي

ما كنت أرغب في الكتابة عن موضوع ذلك التدافع الذي حصل في محل أعلن فيه عن تخفيضات غير مسبوقة، لكن استفزني من يرى الأمر عاديا وأنه يحدث حتى في أمريكا، كما يُقال لنا دائما، وكلما تكلمنا عن أوضاعنا في البلد ذكروا "ماما أمريكا" القدوة والمثل الأعلى وأرض الأحلام والجنة الموعودة!

إن تحدثنا عن الفقر، قالوا حتى في أمريكا هناك فقر، وإن طرحنا موضوع الوظائف أخبرونا أن قضية البحث عن وظائف وفقدان الوظائف والتسريح وغلاء الأسعار والتسول كل ذلك موجود في أمريكا وبلدان العالم الأخرى! فلاعجب ولا بأس ولاحرج أن يوجد معنا. ولا ينسى هؤلاء أن ينشروا مقاطع فيديو تظهر الطوابير الطويلة والتدافع أمام محل أعلن عن التنزيلات في أمريكا وبلدان أخرى. لكل دولة ظروفها الخاصة بها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمالية وعدد السكان والموارد الطبيعية وحتى العادات والتقاليد والأعراف والقوانين والموقع الجغرافي وطبائع الناس ودخل الفرد والدخل القومي والرواتب وثقافة الادخار والاستهلاك وقوة الصناعة والتجارة والتصدير والاستيراد ويجب وضع كل ذلك في الاعتبار عند المُقارنة بين دولة وأخرى ومجتمع وآخر.

ثم ينبري هؤلاء أنفسهم لنقد كل من يظهر استغرابه ويطرح الأسئلة من أجل الحوار المثري والنقاش الهادف لمعرفة الأسباب العميقة لظاهرة الحشود التي تتسابق نحو محل أعلن عن التخفيضات لبضائع لا نعلم عيوبها ولا الأسباب التي جعلت أصحاب هذا المحل يرغبون في التخلص منها بثمن بخس.

نحتاج إلى بحث الأسباب التي تجعل الناس يخوضون معركة للوصول إلى تلك البضاعة وقد خرج أحدهم مثخناً بالجراح بعد سقوط الباب الزجاجي أو جزء منه على رأسه، هل هي الحاجة والعوز؟ أم تأثير الإعلانات ومواقع التواصل الاجتماعي؟ هل صارت الجماهير تنساق بلا وعي وراء المشاهير؟ وهل ينبغي وضع حد لنزق هؤلاء والهرولة المحمومة وراء المال والشهرة؟!

ظهر أحد ضحايا معركة التخفيضات مع ذلك المشهور صاحب الإعلان عن التخفيضات أمام مجموعة من الأجهزة، وقيل إنَّ هذه الأجهزة تعويضًا له عن الإصابة التي لحقت به وظهر صامتا، وقد عقد ذراعيه على صدره، وقال: كل هذا ما كان له داعي!

لا نعلم ما الهدف من تصوير الرجل مع الأجهزة ومع المشهور؟!

لقد عرف عن الإنسان العماني السمت والوقار والهيبة والسكينة والحياء وعزة النفس، فما الذي جعل تلك الجماهير تتدافع لأجل بضاعة مزجاة؟

يقول لكم ضحي: ابحثوا عن الإجابة بعيدا عن العواطف والمثالية ونظريات المؤامرة والتخوين والسطحية وافتراض سوء النية فيمن يطرح مثل هذه المواضيع التي تستحوذ على اهتمام المواطن في الوطن العزيز الغالي.