نهائي الطائرة.. السطور التي لم تُكتب!

 

المعتصم البوسعيدي

 

تشعرُ وأنتَ وسط الجماهير الرياضية أنَّ ثمَّة حياة أُخرى عما يجري في مستطيل الملعب والتنافس الذي يدورُ هُناك؛ حيثُ المشاعر والحماس والبهجة والشغف وأصوات عالية وتمتمات تحليلية بين المدح والذم بلا حدود ولا محاذير، تُعززها روح التنافس وعدم قبول الخسارة، ووعي الانتماء مع تباين المساندة في الشدةِ والرخاء.

لقد شهدت الصالة الرئيسية بمجمع السلطان قابوس ببوشر نهائي درع الوزارة لكرة الطائرة الذي جمع- مرة أخرى- طرفي نهائي دوري الدرجة الأولى الذي حسمه الكامل والوافي على حساب السيب قُبيل أيام مضت في مباراةٍ مُثيرةٍ تخللها بعض الأحداث التي جعلت من نهائي الدرع مُشتعلاً وأكثر حماسةً وندية، إلا أن السيب باصفراره المُخضر كان أكثر حضورًا واستعدادًا ذهنيا وبدنيا؛ فأكتملَ قمره وأوفى بعهودهِ وعوض خسارته للدوري بفوزِ سهل غير مُتوقع؛ فتوجَ بطلاً كعادته وبإمرةِ جماهيره دائمة الحضور والوقوف خلف فريقها عند الفوز أو الخسارةِ سيان؛ لأنه السيب الذي انسكب في أفئدتهم سكرًا وحليبًا شهي المذاق لا يفقد طعمه مهما تيسر الأمر أو شقَّ.

انتهت المباراة، وانفض السامر، وذهب كلُّ في فلكٍ يسبحون، فراجعتُ المشهد من جديد لاكتشف سطورًا فارغة تحتاج الكتابة، وتساؤلات تبحث عن إجابة؛ نحن في عُمان الحبيبة ــ لعمري ــ نستحقُ أكثر من هذا!!.. نستحقُ صالاتٍ رياضيةٍ حديثةٍ ومتطورة وذات سعةٍ أكبر، نستحقُ بنيةٍ تحتيةٍ تضجُ بالحياة، نستحقُ مواجهة التحديات بالفكرِ والثبات لا بالمنع والهروب والتخفيف على الذات، كيف نجني الثمار؟ سؤال مُهم حتى لو لم نكن زارعي البذور. اليوم نرى جماهيرًا شغوفةً متحمسةً في دواخِلها غيرةً مما تراه في الجوار وما بعد الجوار، أيعقلُ أن يتفرغ اتحاد اللعبة لعملِ كل شيء من "طأطأ للسلام عليكم"؟

أيعقلُ ألا نجد ماءً نروي بهِ ظمأ ساعاتٍ في مقاعد صلبة أشبه بالإسمنت منها للكراسي لم نستطع حتى ترقيمها وفتح آفاق حول تنظيم الحضور فيها وتفعيل عالم التكنولوجيا الذي نسمع "جعجعته ولا نرى طحنه"، أيعقلُ أن تُفرغَ كراسي بصفوفها ويمنع الجلوس فيها لأسباب واهية؟ أيعقلُ إنارة صالتنا الرياضية (الرئيسية) من العصور البالية؟ كأننا والله ما تعلمنا ولا رأينا، أيعقلُ شرطة عُمان السلطانية- بجلالِ قدرها- تُجند لتنظيم الفعاليات والمناسبات الرياضية؟

هُناك إيجابيات لا تخطئها العين؛ لكن لا زلنا في دائرة التقليدية المُتأخرة، ولا يمكن زرع بذور صالحة في حقلٍ مُجدب، ولا صناعة مُنتج في بيئةٍ طاردة، تلك الجماهير الشغوفة لا تستحق ما يحدث، وإذا كانت عُمان بقيمتها الحضارية ومكانتها الدولية وتطلعاتها المستقبلية لا تحرك ساكنًا فينا؛ فوا حسرتاه!!! نفقد روحا، ويشتكي منِّا ضيوفنا، ولا نملك حداثة الصروح، وإلى من المشتكى وكيف نرقى لأي طموح؟ لقد حان الوقت لقراءة ما بين السطور؛ فثمة سطور مكتوبة بحسرةٍ وغيرةٍ ومحبةٍ رغم تكرار الطعناتِ ونكئ الجروح.