علي بن بدر البوسعيدي
قطع قضاؤنا الشامخ شوطًا كبيرًا في إرساء قيم العدالة والحق، في ظل ما يحظى به من اهتمام ورعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وبفضل الجهود الحثيثة التي يبذلها أصحاب الفضيلة القضاة، وجميع العاملين في المرفق العدلي بمختلف دوائره وأقسامه.
ومع تطور مسيرة نهضتنا، توسعت المحاكم وانتشرت الدوائر القضائية في كل ربوع الوطن، من محاكم ابتدائية واستئناف فضلا عن المحكمة العليا، فضلا عن لجان التوفيق والمصالحة التي تجسد نموذجًا قضائيًا عمانيًا مميزًا، وقد واكب كل ذلك زيادة في أعداد المحامين ومكاتب الاستشارات القانونية والمحاماة، لمجابهة الأعداد المتزايدة من القضايا التي تُعرض يوميًا في ساحات المحاكم.
وبفضل ازدهار الاقتصاد وانتعاش الحركة التجارية ومعاملات الأفراد والمؤسسات على تنوعها، على مدى العقود الماضية، ارتفع عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم، سواء القضايا الجنائية أو التجارية أو قضايا الأحوال الشخصية والمواريث وغيرها الكثير، ورافق ذلك أيضًا زيادة في أعداد القضاة وأمناء السر والموظفين في مختلف الدوائر القضائية. لكن على الرغم من هذا، إلا أن المحاكم ما زالت تواجه ضغوطًا كبيرة في أعداد القضايا المنظورة، وهناك قضايا تتأخر لفترات طويلة، والجميع يعلم أن العدالة الناجزة تعني عودة الحق لأصحابه في أسرع وقت ممكن. نحن هنا لا نلقي باللائمة على أي جهة، لكن نناقش الموضوع بأبعاده المجتمعية والاقتصادية والإنسانية كذلك، فثمة تداعيات اجتماعية تنتج عن تأخر قضايا بعينها أمام القضاء نتيجة لتكدس القضايا وتشعبها، ولنا أن نتخيل أن القاضي قد يظل يدرس قضية ما لأسابيع وربما شهور، في حالة القضايا الكبرى، والتي تتطلب تحري الدقة والأمانة والمسؤولية، وهي صفات أصيلة في كل قضاتنا النجباء. وكذلك الحال بالنسبة للقضايا الاقتصادية، مثل قضايا الشيكات التي تعج بها المحاكم، فهذه تلقي بظلال سلبية على المنظومة الاقتصادية والمصرفية على السواء.
ويبقى القول.. إن الضغط الكبير والمتزايد على المنظومة القضائية خلال السنوات الأخيرة يستدعي البحث عن حلول عاجلة ومنها أهمية النظر في التوسع في إجراءات تعيين القضاة، وفتح المجال أمام جميع خريجي الكليات ذات الصلة بالقانون والقضاء، ومن ثم تأهيلهم على النحو الأمثل في المعهد العالي للقضاء، وكذلك السماح للعاملين في الدوائر القانونية بالمؤسسات الحكومية للتنافس على وظائف في المرفق القضائي، حتى نضمن زيادة أعداد القضاة ومن ثم تسريع وتيرة النظر في القضايا ثم إصدار الأحكام الناجزة فيها.