فجوة الأداء

فهد بن سعيد الحارثي

متخصص في مجال الجودة والتميز

fahad18@hotmail.com

تدرك جميع المنظمات المتعلمة اليوم أن التميز المؤسسي لا يكون وليد الصدفة، ولا من خلال النظريات وحدها، ولكن أيضاً من خلال رصد "نتائج الأداء" والقدرة على تحويل البيانات إلى معلومات واستخدامها ضمن منهجية البحث ما بين "السبب" و"النتيجة"؛ حيث تسعى المنظمات اليوم للانطلاق من كونها "مرنة" تتكيف مع المتغيرات المحيطة بها إلى منظمات "رشيقة" قادرة على استشراف المستقبل والاستعداد له.

وإذا ما ركزنا في مؤسسات القطاع العام محليًا نجد أن هناك ضعفا وعدم اهتمام بتحليل الأداء المؤسسي، ورصد نتائج تفاعلها مع البيئة الداخلية والخارجية، إضافة إلى تقييم خططها السنوية، ففي كل عام نجد أن الجهات تُعلن عن خططها المعتمدة حتمًا من مجالس إدارتها أو الجهات الإشرافية الأخرى والتي بدورها تعقد اجتماعات دورية سنوية دون أن يكون محور قياس أداء تنفيذ الخطة المعلن عنها سابقًا أحد أجندتها، لتنطلق المؤسسة نفسها على إعلان خطة العام التالي دون دراسة نتائج الأداء للخطة السابقة والاستفادة منها في تحسين الأداء وهل حققت تلك الخطة أهدافها؟ والتحدي الذي يواجه المؤسسات الحكومية اليوم هو إثبات سبب قيامها بالأشياء التي تقوم بها، وكيف يقومون بها، وهل تحقق النتائج المرجوة.

على مختلف القيادات أن يدركوا أن التميز المؤسسي يبدأ من الداخل للخارج بدءًا من النتائج والالتزام، ولا يبدأ من الخارج للداخل، وأن نتائج الأداء والتقارير الدورية لا يجب أن يكون هدفها فقط نشر الإحصاءات أو رفع تقارير تتصف بالجمود دون حياة وعدم تحليل البيانات وتحويلها إلى معلومات لصانع القرار فالمؤسسة تخطط لتنفذ، ثم تقيس الأداء لتعرف هل ما نفذته يتوافق مع ما خططت له، ثم تبدأ عملية إجراء تغييرات على العمليات قيد التنفيذ ودراسة ملاءمة "الاستراتيجية" و"التوجه".

الخلاصة.. إن مواجهة نفس المشكلة بنفس الحلول سيؤدي حتما إلى نفس النتائج، وبالتالي بقاء القطاع العام بذات النمط من التفكير وعدم استغلال النتائج ومراجعة "فجوة الأداء" وبناء منظومة تميز حقيقية وليست نظرية حتماً سيقودنا إلى ذات النتائج السابقة، لذلك نحن نحتاج إلى كثير من العمل وإعادة رسم الثقافة في القطاع الحكومي لتكون أوسع من بناء نظام لتقييم موظف مرتبط بترقيته إنما من خلال فتح مسارات الابتكار والتفكير وبناء أنظمة إدارة المعرفة وتسريع التحول الرقمي والتي يقودها "العنصر البشري"، لذلك إن تغنيت بالنظريات وأهملت بناء الإنسان والذي هو محور صناعة التميز؛ فالنتيجة الحتمية هي عدم وجود نتيجة.

تعليق عبر الفيس بوك