مشروع الصرف الصحي بصحار.. لا أحد يرانا ولا يسمعنا!

د. حميد بن فاضل الشبلي

humaid.fadhil@yahoo.com

نعود إليكم هذا المساء بعد انقطاع طويل عن الكتابة، التي جعلناها فترة استرخاء ذهني وبدني، نعود إليكم وفي جعبتنا هموم وقضايا اجتماعية كثيرة، وقبل التطرق لمقال اليوم أضعكم الآن أمام مشهد أنابيب الصرف الصحي العملاقة المتروكة منذ أكثر من 8 أعوام بمنطقة الهمبار؛ لذلك أدعو أي مسؤول لزيارة هذا الموقع الذي وثقته بالتصوير، وكتبت عنه هذا الموضوع، كما إنني أرجو أن تصل هذه الرسالة إلى المختصين في الشركة المُوكل إليها مشروع الصرف الصحي بصحار؛ المقاول أو الشركة الاستشارية للمشروع، أو أي مؤسسة معنية بمتابعة ومراقبة المشاريع الخدمية في المجتمع.

الهدف هو معرفة مصير هذا المشروع الحيوي الذي تجمّد تنفيذه منذ فترة طويلة جدًا، ولا نعلم من الجهة التي أصبحت مسؤولة عنه، وخصوصًا إذا ما علمنا أن الصرف الصحي لم يعد من اختصاص بلدية صحار بعدما تم نقل مسؤوليته للشركة العمانية لخدمات المياه والصرف الصحي، ولكن كذلك في المقابل حسب ما أفادني أحد الأخوة أن مشروع الصرف الصحي مسنود لشركة خاصة- مقاول المشروع- قبل أن تستلم الشركة ملف إدارة الصرف الصحي بالولاية؛ وهي الآن في إطار طرح مناقصة لتوصيل الصرف الصحي لمناطق الولاية تحت إشراف وتخطيط الشركة.

لذلك لم نستطع الحصول على بيان من الجهة المختصة- حتى كتابة هذا المقال- يوضح الوضع الحالي، ولا المستقبل الذي يحمله، أو ينتظره هذا المشروع!

النقطة الأخرى التي دفعتني لطرح هذا الموضوع الذي أصبح حديث الساعة في ولاية صحار، هي المناشدة المجتمعية التي تطالب بالتطرق للمعاناة التي خلفها تأخر إنجاز مشروع الصرف الصحي؛ لذلك تجد اليوم الجميع سواء كانوا ذكورا أو إناثا، الكل محبط ولا يعلم مصير هذا المشروع .

الأعزاء الذين يهمهم هذا الموضوع، سأسرد لكم الآن قصة مشروع الصرف الصحي بصحار، وبالتحديد المنطقة التي أقطنُ فيها، في الحقيقة لا أعلم بالضبط متى استلمت الشركة المشروع في الولاية، البعض يقول قبل تسعة أعوام، وآخرون يقولون قبل ثمانية أعوام، لكن قبل عام 2016 كنتُ أسمع أنها تعمل في بعض مناطق ولاية صحار، ومع حلول منتصف 2016- في شهر يوليو تحديدًا- بدأ الحفر يقترب من الحارة التي أسكن فيها، وبما أن العائلة في إجازة، قررنا الذهاب- وقتذاك- إلى خريف صلالة، بهدف الهروب من عملية الحفر المخطط لها أمام المنزل، وما تسببه من تطاير الأتربة وإزعاج المعدات.. إلخ، وفي ذات الوقت الاستمتاع بالإجازة السنوية.

وبعد عودتنا من صلالة، ومع انتهاء عملية الحفر الأولي للشركة، افتقدنا تواجد عمالها في الحارة، مما جعلني أبحث عنهم في مواقع أخرى؛ لكي يقوموا بإغلاق الحفر التي تركوها مفتوحة وتشكل خطرًا على المجتمع وخصوصًا الأطفال، وفي كل مرة أجدهم تكون اجابتهم: (No salary no diesel)؛ أي: لم نحصل على رواتب، ولا نملك وقودًا. وهي نفس الإجابة التي سمعها كثير من الإخوة من منطقة أخرى بصحار، وبعد محاولات عديدة استطعنا إحضارهم لغلق الفتحات التي تشكل خطورة على حياة الناس، ولكن بعد ذلك لم نشاهد لهم وجودًا، ولا حضور في المواقع التي تركوها .

إن الأضرار التي خلفها هذا المشروع كثيرة، ولعل أبرزها المدة الطويلة التي مر بها هذا العمل وإلى الآن لم ينجز، فلا يمكن أن نعيش مرحلة التحضر الحالية، وتكون المنازل بلا صرف صحي حديث، كذلك الحفريات الكثيرة التي طالت كثيرا من البنية التحتية ولم يتم إصلاحها في كثير من المواقع مثل: الأرصفة، والشوارع المعبدة، ناهيك عن تشويه المنظر الجمالي العام الذي كانت تتميز به ولاية صحار، ففي كثير من المناطق تجد مخلفات العمل والحفر والأتربة التي لم يتم سكب رمل الوادي عليها- الكنكري والحصى- إضافة إلى الحوادث المؤسفة التي تعرض لها بعض الإخوة بطمس عجلات سياراتهم في أرضية الحفر التي لم يتم كبسها جيدًا، وخصوصًا مع هطول الأمطار، كذلك هناك بعض الحوادث التي تعرض لها بعض الأطفال من خلال وقوعهم بتلك الحفر، التي ظلت فترة طويلة بلا غلق.

وأخيرًا.. هناك كثير من الأسر صار لها أكثر من سبعة أعوام تريد أن تقوم بصيانة منازلها- وأنا من ضمنهم- ولكنها لا تستطيع ذلك قبل أن يتم إنهاء هذا المشروع؛ لكون أن بعض المناطق في انتظار الحفر الثاني من نقطة المشروع أمام المنازل ليتم توصيلها بالنقطة الرئيسية في كل منزل.

قبل الختام.. أود أن أوضح أن الجميع يقدر الجهود التي تقدمها مؤسسات الدولة المعنية بالمشاريع الخدمية، ولكن بكل تأكيد ستكون منزعجة من المشاريع التي تجلب معها الأضرار بدلًا من أن تساعدها على أن تنعم بالاستقرار والراحة، كما إنه ليس من المعقول أن يظل مشروع مثل الصرف الصحي لأكثر من تسع سنوات، ولم يكتمل ولا أحد يعلم مصيره!!

كذلك لا يُعقل أن نصل لعام 2022 ونستهلك هذه المدة الطويلة في مشروع واحد، وخصوصًا إذا ما عرفنا أننا مع هذا العام نبدأ المرحلة الأولى من رؤية "عمان 2040". فهل يتواكب هذا المشروع مع أهداف هذه الرؤية؟! كذلك هناك تجارب لدول أخرى أقامت مدنًا متكاملة من بنية أساسية ومواصلات ومبانٍ لم تستغرق 3 سنوات حتى اكتملت مشاريعها، فهل مشروع واحد كالصرف الصحي يستحق كل هذه المدة الطويلة؟

إننا نأمل أن يصل هذا الموضوع إلى الجهات المختصة التي يعنيها هذا المشروع؛ لكي يتسنى لها متابعة هذا المشروع؛ لتقوم بمعالجته في أسرع وقت ممكن، ولكي يتمكن المجتمع من معرفة مصير هذا المشروع، وكلنا أمل في أن نحصل على تصريح أو بيان من الشركة القائمة على المشروع، توضح من خلاله: متى سيُستأنف العمل؟ ومتى يُتوقع الانتهاء من المشروع؟ لأنه فعليًّا وواقعيًا مشروع الصرف الصحي بصحار انتهى من حيث بدأ!

لا ذنب للمجتمع أن يتحمل كل هذه الأضرار وهذه المدة الطويلة، إذا كانت هناك مشاكل تعانيها الشركة المنفذة، فهل سنسمع بالغد من يفيد عن حقيقة هذا المشروع المنسي من الجميع؟!