شبعان وراهي!

 

سالم بن نجيم البادي

"شبعان وراهي ومعه غوازي واجده"، وشركات ومنازل ومزارع، وذلك نصيبه وربما اجتهاد منه وحسن تدبير، أو أنه وريث عائلات أرستقراطية ومن أبناء وأحفاد الشيوخ والقضاة والولاة والوزراء والتجار، اللهم لا حسد!! وقد رأينا أحد هؤلاء مؤخرًا يُسدي النصائح والحكم والمواعظ ويوزع المُقترحات.

وقد تناسى الطبقة المسحوقة الكادحة والتي رضي قطاع عريض من أفرادها العمل براتب زهيد في شركاته وشركات غيره في القطاع الخاص، وهو يقترح تفنيش من تثبُت عدم كفاءته، ولم يذكر لنا كيف تمَّ توظيف غير الكفء هذا؟! وهل تم تدريبه وتأهليه بعد التوظيف واجتاز الفترة التجريبة، ثم يُمعن هذا الراهي الشبعان في اقتراحاته ويقترح وقف الزيادة السنوية في الراتب ومقدارها 3% عن المُوظف غير المجيد والذي لا ينتج، وكنَّا نأمل لو أنه تفضَّل علينا وذكر لنا مواصفات هذا الموظف المغضوب عليه، وهو يقترح توظيف الأجنبي في منصب مدير الموارد البشرية، حتى يعلم الموظف العُماني كيف يعمل في هذه الشركات، وكأنَّ النساء العمانيات عجزن عن إنجاب من هو جدير بالقيام بالمعجزات والأعمال الخارقة التي يقوم بها الوافد الأجنبي!

وفي هذا ما لا يخفى من التشكيك في قدرات المواطن العماني والغمز- وإن من طرفٍ خفي- بأفضلية الأجانب في التفكير والإبداع والإنتاج والإجادة والإخلاص في العمل، ومع أن ضحي لا يميل إلى سوء الظن ولا الشطط في التفسير والتأويل وتقويل هذا الرجل ما لم يقله، وهو ليس خبيرًا اقتصاديًا ليحكم على ما قاله هذا الرجل بالصواب أو الخطأ، ولا يعلم الجدوى الاقتصادية من مقترحاته تلك، والأثر العظيم الذي يمكن أن تحدثه في الاقتصاد الوطني لو طُبقت وحتى الآثار الاجتماعية، وهل كانت سوف تُتخذ مطية للمزيد من التسريح تحت ذريعة هذا ما زين، وهذا ما ينفع، وهذا ما يعرف، وهذا كسلان ما باغي يشتغل، وهذا بطران ما يكفيه الراتب مال القطاع الخاص، وهذا ما ملتزم.

غير أنَّه يُدرك تمامًا أنه لا ينبغي استفزاز النَّاس بهذا الأسلوب الفج، و"اللي فيهم كافيهم" وظهر ذلك جليًا من خلال ردود الفعل الغاضبة والناقمة والمستنكرة لتلك المقترحات. وقد أصبح لدى الناس الوعي الكافي، بحيث يصعب استغفالهم والضحك عليهم بالكلام المعسول وتخديرهم بالوعود الفضفاضة بعيدة المدى، والتي قد لا تتحقق كلها كما يُشير الواقع الحالي، ويظهر أحدهم ليبشر الناس بالمنّ والسلوى ورواتب خيالية وحياة مترفة بعد 20 سنة من الآن. ولا شك أنَّ بث روح التفاؤل والأمل أمر جيد، لكن المبالغة في ذلك تأتي بنتائج مختلفة، ربما تزيد اليأس والقنوط والتذمر، وفعلًا صار كلامه ذلك مادة دسمة للنكت والتعليقات الساخرة.

ومنذ أن قلل أحدهم من شأن أمر الزيادة في الوقود، قائلاً إنها تساوي قيمة "سندويكة شاورما"، ويعني أنها زهيدة، ورغم موجة الاستياء التي أعقبت ذلك التصريح، إلا أن مسلسل التصريحات المستفزة للرأي العام ظل مُستمرًا، مثل ذلك الذي أرجع سبب الأزمة المالية في بلدنا إلى زيادة الرواتب بعد أحداث 2011، وتمنى لو أن الزيادة لم تحدث، وقال أحدهم إنَّ ترقية الموظف ليس حقًا مكتسبًا للموظف، وإنما هو أمر تقرره الحكومة، وفق ظروفها المالية تمنحه وتمنعه متى تشاء!

وهناك من يحاول تجميل وجه الضرائب القبيح، ويسوّق لها ويرى أنها زهيدة ولن تضر المواطن البسيط، والأمثلة كثيرة على مثل هذه الاستفزازات المثيرة للسخط الشعبي. ولعل من أخطر الاستفزازات المؤذية للناس، أن يتم التلاعب بعواطفهم حين يطلع علينا بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي ويعلنوا أنَّ هناك أخبارًا سارة سوف تصدر في اليوم الفلاني، وينتظرالناس ذلك اليوم الموعود الذي يأتي دون جديد، وقد لا يلام هؤلاء المشاهير فهم يستجدون الإعجاب وينشدون الشهرة بكل الوسائل. لكن لماذا يُسمح لهؤلاء ببيع الوهم للناس وهم يكررون فعلهم هذا دائمًا، وأين الجهات المعنية عنهم؟!

وضحي المسكين يقول إن كنت شبعان فلا تلعب بمشاعر الغلابى وأصحاب الحاجات، وإن لم تقل خيرًا في حقهم، فاصمت، وذلك يكفي!