احذر التضليل!

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

يستخدم الناس حول العالم شبكات التواصل الاجتماعي المُختلفة للتواصل فيما بينهم وتناقل أخبارهم وبعض تفاصيل حياتهم اليومية، ونتلقى نحن كمستخدمين لهذه الشبكات يوميًا سيلًا من الأخبار عبر المنصات الرسمية وغير الرسمية والكثير من المعلومات عبر حسابات بعض الشخصيات حول العالم على شكل رسائل أو صور أو مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية.

وقد تعبّر كل تلك المواد المتناقلة بين الناس عن معلومات حول حادثٍة مُعينة حصلت في مكانٍ ما من العالم أو خبرٍ عاجلٍ بشأن حدثٍ هام أو استثنائي، ووفقاً لموقع الجزيرة نت فإنَّ أكثر من نصف سكان العالم حاليًا، والبالغ عددهم 7.87 مليار نسمة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أي بنسبةٍ تقدر بـ56.8% من سكان العالم وذلك بحسب إحصائيات شهر يوليو 2021.

ولأنَّ العالم أصبح قرية صغيرة وبسبب الاختلاف بين ثقافات الشعوب تبعًا للموروثات والأعراف والأديان والتوجهات السياسية، فقد أصبحنا نشاهد الكثير من مقاطع الفيديو أو الصور المرفقة مع الأخبار أو بعض الأحداث حول العالم؛ حيث منها الإيجابي الحسن والمُفيد وهي كثيرة وتتمثل في جوانب التعليم والصحة والرياضة وتعاليم الدين والسنة النبوية الشريفة أو بعض أخبار العالم من حولنا والتي يتم تناقلها من مصادر موثوقة كوكالات الأنباء والمحطات الإخبارية الرسمية أو التي تشرف عليها الحكومات، ومنها السيئ الضار والذي لا يتناسب معنا أو مع مجتمعنا نحن المسلمين ويتنافى مع مبادئ الدين والعقيدة ولها أوجه عديدة أيضًا؛ إذ تعمد هذه الجهات إلى استهداف مجتمعاتنا المتماسكة من خلال بث أفكار غير أخلاقية عبر الألعاب الإلكترونية أو مقاطع الفيديو أو تزوير الحقائق عبر اقتطاع جزءٍ من صورةِ حدث وإعادة نشرها للتشويه أو الإساءة لجهةٍ ما أو بقصد التأثير على توجهاتٍ معينة لمجموعة من الأفراد أو الجماعات في منطقة معينة أو استقطاع مقطع من فيديو مُصور لحدث مُعين وإدخال تعديلات عليه عبر برامج وأدوات تحرير الفيديو أوبواسطة استخدام تقنية "التزييف العميق" أو "Deep fake" التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في إدخال تعديلات جوهرية على الصور أو مواد الفيديو المرئية.

ووصفت صحيفة "جارديان" البريطانية هذه التقنية بأنها تحول الصور والفيديوهات إلى أخرى مزيفة بهدف التضليل والتأثير على المجتمعات حول العالم في مختلف قضايا الحياة اليومية السياسية منها والاجتماعية. ومن جانبٍ آخر يقوم بعض النَّاس من غير المختصين بنشر مقاطع فيديو لآراء أو تجارب شخصية في مجالاتٍ مختلفة تتعلق بالشؤون الاجتماعية أو التربوية أو النفسية أو الصحية وتؤثر الكثير من هذه المواد على جوانب الأخلاق والتربية أو السلوك الصحي؛ حيث وصل الحال ببعض الناس لتصديق محتوى مثل هذه المواد والتخلي عن خطة العلاج لمرضٍ مُعين كأمراض الضغط والسكري واتباع خطوات التجربة التي مرت عليهم في مقطع فيدو عابر تم تناقله مما أثر ذلك سلبًا وخلف آثارًا جانبية لدى هؤلاء البشر، وهذا ما حدث مع الكثيرين خلال جائحة كورونا.

أيها القارئ الكريم.. اعلم أنَّ ديننا يأمرنا بالتثبت من صحة المعلومة والخبر قبل الإذاعة به أو نشره وعن أبي هريرة  رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع" رواه مسلم، وأضع بين يديك عددًا من وسائل كشف الصور والفيديوهات المفبركة إن وردتك عبر برامج المحادثات مثل واتسآب وفيسبوك ماسنجر وغيره؛ حيث يجب عليك قراءة الخبر المرافق للصورة ثم التركيز على الصورة بذاتها وما تتضمنه الخلفية وملابس الأشخاص ضمن الصورة وحالة الطقس وإن كانت تتضمن مباني أو وسائل مواصلات؛ حيث إنَّ هذه الشواهد تُمكنك من المقارنة بين الخبر ومحتوى الصورة وهل هو متوافق أم غير ذلك، كما إنه بإمكانك استخدام موقع "جوجل للصور" وكتابة محتوى الخبر في حقل البحث وسيجلب لك الموقع الصور الأقرب للخبر أو المعلومة، وبالتالي ستعرف إن كانت المعلومة التي وصلتك صحيحة أو مفبركة، وكذلك الحال بالنسبة لمقاطع الفيديو؛ حيث لابُد لك من التركيز على جسم الشخص الذي يظهر أمامك وركز على الخلفية وإن شاهدت اهتزازات أو عدم ثبات ألوان الخلفية أو خلل في حركة شفاه الشخص أو عينيه فتأكد بأنَّ هذا المقطع قد يكون مفبركاً أو حاول استخدام موقع يوتيوب للبحث عن موضوع الفيديو الذي وصلك واكتب الموضوع في حقل البحث لتصل إلى الفيديو الأصلي.

أما إن وصلك مقطع فيديو برابط أو عبر أي من منصات التواصل الاجتماعي فادخل إلى المتصحف على جهازك وقم بالبحث عن موقع مُظهر بيانات اليوتيوب YouTube Data Viewer، وقم بنسخ رابط المقطع والصقه في حقل البحث وسيجلب لك على الفور مقطع الفيديو الأصلي بعنوانه وتاريخ رفعه والمنصة التي قامت بعرضه وأية صور مأخوذة من هذا الفيديو، وللعلم هذه بعض وسائل كشف الصور ومقاطع الفيديو حيث هناك غيرها الكثير ولدى وسائل الإعلام والجهات الحكومية الرقابية أدواتها للتحقق والتثبت من صحة الأخبار الرسمية.

عزيزي القارئ.. نحن نعتقد حسن النية في الآخرين ولكن لا يجب علينا تصديق كل ما يتم تناقله أو نشره إلا إن كان من مصادر موثوقة ويتوجب علينا قبل نشر أية مادة مقروءة أو مرئية أو مشاهدة أو مسموعة التثبت من صحتها وسلامتها حتى لا نقع في التضليل ولا نأثم أو نتسبب في إلحاق الضرر بأحد ولأجل أن نفيد الآخرين بكل ما نبادر بنشره من معلومات والتي بدورها قد تساهم في إثراء ثقافة ومعرفة من نتواصل معهم عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعي.