لماذا الخوف من الفشل؟

 

فاطمة هبيس الكثيرية

يخشى كثيرون خوض تجربة أو المجازفة فيها لا لشيء إلا لسبب واهٍ وهو الخوف من الفشل، هذا السبب الواهي وهو الشعوربالفشل ينتاب الكثير منِّا، وهو شعور غير مبرر في كثير من المواقف، لذلك يجب ألا يتحول إلى شعور عام في مواقفنا وتجاربنا الحياتية.

هذا الخوف قد يضيع على الإنسان فرصاً تغير شكل حياته ومستقبله فرصا قد تضعه في مصاف أناس لم يكن يحلم يومًا أن يكون مثلهم.

ولكن ألم يجُل في خاطرك يوما أن تواجه نفسك يوما وتصارحها لم كل هذا الرعب من خوض تجربة؟ وما الأسباب الخفية التي تكمن خلف ذلك الوازع الشعوري؟ وذلك بغية التوصل لإجابة كفيلة بالقضاء على هذا الخوف المزعوم أو على الأقل الحد منه على قدر الإمكان.

بنظرة سريعة وبسيطة لما يدور حولنا وما نمر به من مواقف نستطيع الجزم بأنَّ ذلك الخوف مبعثه عدة أمور منها خوفنا من آراء الآخرين وحكمهم علينا، وخوفنا من مواجهة أنفسنا والاعتراف بأننا لسنا ناجحين بما يكفي، والخوف من الاعتذار لمن أخطأت في حقه، بالرغم من أن الاعتذار  أحيانا ليس عيبا بقدر ماهو تصحيح للمواقف واستيعاب للتجربة.

إننا باختصار لا نريد أن نعترف أمام أنفسنا بالنقص.الإنسان بطبعه يبحث عن الكمال رغم علمه أن الكمال صفة لله وحده لا شريك له.

الإنسان بطبعه كثير النقد ولكن للآخرين وليس لذاته؛ فهو يبحث عن أخطاء الآخرين وعيوبهم بدلاً من التركيز على عيوبه وإصلاح نفسه.

نحن نبحث عن مدح الآخرين لنا وإعجابهم كل منِّا يريد أن يشار إليه بالبنان أنه وحده يستحق التصفيق والتأييد والثناء.

البحث عن الكمال لن يوصلنا للنجاح والتميز، وإنما البحث عن النواقص في حياتنا عن دواعي فشلنا عن إدراك ما نحن عليه من عجز، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها، وسد الثغرات للوصول للنجاح، والتخلص من الفشل.

إن الفشل الحقيقي هو العجز عن إدراك فشلك وعدم إصلاح ذاتك. وعندما تدس رأسك في الرمال كالنعامة حينها أنت تعترف بداخلك بأنك إنسان فاشل عاجز عن إصلاح نفسك، ولكن عندما تنتفض وتتمرد على كل مخاوفك عندها فقط تكون خطوت أول خطوة على سلم النجاح.

للأسف نحن من أوصلنا أنفسنا لقمة الفشل؛ ليس بسبب الظروف ولا الآخرين كما ندعي، ولكن بسبب الوهم الذي يخيم على أنفسنا.

نحن نركز على الناس أكثر من تركيزنا على أنفسنا نحن نعتقد أن الناس يركزون مع كل حركاتنا وسكناتنا ونعتقد بأنَّ الآخرين سيرون كل أخطائنا ويدركون مدى فشلنا، بينما لو انتبهنا قليلا لأدركنا أن الآخرين قد لا يهمهم فشلنا؛ فالناس لاتهتم بالفاشل بل  الناجح فقط؛ لأنهم يصبحون قدوة لهم يتعلمون منهم ويعرفونهم طريق النجاح.

الناس لا يهمهم كيف فشلت ولا حتى كل مشاكلك الناس تركز فقط على ما يهمها، وبالتأكيد الناس لديها الكثير مما يهمها: لديها الكثير من خيبات الأمل والإخفاقات التي تسعى للخروج منها، وبما أنك فاشل فلن تزيدهم إلا ضعفا وفشلا وخيبة أمل.

تبا لك ولفشلك سيقولون ذلك حتماً في أنفسهم حتى إن لم يعلنوها صراحة.

الناس يبحثون عن من يأخذ بأيديهم للنجاح وليس العكس.

هل رأيت شخصًا فشل في دراسته يلتف حوله الطلاب المتفوقون أو يكرم في ساحات المدرسة؟ هل رأيت شخصًا لديه وظيفة متدنية يلتف حوله أشخاص يبحثون عن وظيفة مرموقة؟ هل رأيت شخصاً فاشلا في حياته الزوجية يلجأ الناس إليه لحل مشاكلهم الزوجية؟ هل رأيت أحدا يستمتع بالنظر إلى بركة ماء راكدة تملؤها الحشرات الضارة؟ هل قارنت بين تلك البركة العفنة وبين نهر جارٍ تغرد حول ضفافه الطيور الجميلة وتلتف حوله الأشجار الخضراء الرائعة وصوت خرير الماء الصافي يتناغم مع أحجاره البيضاء لصنع سمفونية ربانية  خيالية؟

إذن الإنسان يستمتع بكل شيء ينبض بالحياة وليس بالشيء الميت. إذا أردت أن يحترمك الآخرون وينظرون إليك بإعجاب فعليك أن تصبح نهرا جميلا وليس بركة الماء الراكد.

الفاشلون لا أحد يحب أن يقلدهم، ولا أحد يحب مجالستهم لا أحد يستمتع بتجاربهم ولا حتى حديثهم، إنهم ينشرون الطاقة  السلبية فقط؛ لذلك يبتعد عنهم من يبحث عن النجاح.

عزيزي القارئ..

عليك أن تدرك أن أسباب الفشل كثيرة ومرهقة للنفس أيضًا، ولكن يجب علينا أن لا نقف عندها، ولا نجعلها تهزمنا عليك أن تقول لا للفشل بكل ما أوتيت من قوة.

عليك التوقف عن الشكوى وتحويل ألامك وفشلك إلى نجاح. لابُد أن تبحث عن كل ما يوصلك لهدفك لنجاحك لبر الأمان الذي تبحث عنه. أمنياتي لك بالتغلب على هذا الشعور الزائف.

تعليق عبر الفيس بوك