السياحة الى أين؟

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

بمجرد تصفح العديد من المعاجم، والأدبيات المهتمة بالسياحة والمعنية بها، نجد الكثير منها يربط المفهوم بالتنقل بين الأماكن بقصد الراحة والتنزه والترفيه عن النفس، وبالتالي فلها مقاصد نبيلة تعود على الفرد بالرضا والطمأنينة، ناهيكم عن العلم والمعرفة وحب الاستطلاع والاكتشاف.

ولا يخفى على أحد منّا ما حباه الله تعالى لعماننا الغالية من بيئات طبيعية متنوعة، وأماكن سياحية قلّ نظيرها ومثيلها في العديد من دول العالم وهذه نعمة طيبة مغبون عليها هذا البلد المبارك الآمن.

وبشيء من التفصيل فعُمان بمختلف تضاريسها وجغرافيتها، وموقعها وحضارتها، وتاريخها، وطبيعة أهلها، ودماثة خلق بنيها، وتنوع فنونها وتقاليدها، وعراقة تعامل سكانها، وسمة الترحاب والكرم وحسن الاستقبال، وجمال جوها وتنوعه، واعتداله في معظم العام كل تلك مقومات تجعل البلد الغالي وجهة سياحية بامتياز.

فمن أراد البحر ومغامراته، ورحلات الصيد والتنّزه فعُمان ذات شواطئ بحرية وأخوار طبيعية تمثل متنفساً رائعا، ومن أراد الجبال وتضاريسها وتسلقها والسير بين صعودها وهبوط أوديتها فعُمان ذات سلاسل جبلية شامخة راسخة، مع قيعان أودية ينساب ماؤها صعوداً وهبوطاً بين جنبات الجبال في مشهد بديع أخاذ.

ومن أراد الطبيعة الخلّابة والخضرة والنضارة ففي عُمان يجد مراده في سهول ممتدة تسّر الناظرين وتبهج الزائرين، ومن أراد التاريخ والحضارة فالقلاع والحصون والأبراج شوامخ راسخة، وقامات سامقة، تخبرنا عن هندسة بديعة، وإتقان يحتار أمامه ذوو الاختصاص مع أفلاج تشق الجبال حاملة خيرا منتظرا وأملا منشودا، ومن أراد الفنّ والأدب فهذه موطن الفنون، وموئل العلماء والأدباء، وأهل اللغة والفصحاء. كل ذلك وأكثر مع ترحاب ورعاية واهتمام، وسيرة عطرة لبلد طيب، وأمن وأمان وهما أساس العمل السياحي، ومنطلق تحقيق أهدافه.

واليوم يدرك كل واحد منّا أهمية السياحة كصناعة وطنية يجب أن تحظى بالاهتمام البالغ والمتابعة اللازمة، ولاسيما في ظل أسعار المواد الطبيعية وتقلّبات سوقها بين ارتفاع متقطع وانخفاض شبه دائم، وسيطرة من أكبر دول الإنتاج والاستهلاك كل يبحث عن مصالحه.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل السياحة العمانية في طريقها الصحيح؟ وهل بهذه الوتيرة تصل إلى المراد من حيث عدد الزوار ونسبة المساهمة في الدخل الوطني؟ وهل الخطط الطموحة سبيل تنفيذها متاح وواضح؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تدور في خلد الكثير منّا.

وكأي شخص يحاول أن تأخذ السياحة الداخلية حيّزها من الوقت والاهتمام، ومن خلال زيارتي لعدد من الأماكن السياحية أثناء إجازة العيد الوطني المجيد، فإنني أجد المسار غير واضح، والطريق لازالت صعبة المسالك وعرة، تحتاج إلى مزيد من البذل الواضح الجلي المشهود من الجميع. فلا خدمات متوفرة ولا أماكن تسمح بالخصوصية، ولا برامج استثنائية في الإجازات المعلومة والمناسبات المختلفة، ولا اهتمام بالأماكن المشهورة والمشهود لها بالحضور، ولا مهرجانات تسويق متعددة، ولا مقاهٍ ذات مستويات مرضية، ولا مطاعم، ولا وسائل للترفيه ولا حدائق ولا متنزهات بالمعنى المراد والمستهدف. وما أكثر اللاءات.

وهنا أصبح لازماً على المسؤولين عن هذا القطاع تفعيل دوره بشكل عملي واضح يعكس اهتمامات المجتمع والرغبة الوطنية في صناعة سياحة عمانية متميزة، فلا الصمت ذا جدوى ولا التنظير والوعود منها طائل، ولابد هنا من فتح الاستثمار لهذا القطاع الحيوي بالشكل الذي يحقق الأهداف ويعود بالنفع والفائدة بشكل نرى أثره حقيقة واقعة ومشهدا منظورا، مع المحافظة على الهوية والخصوصية العمانية.

داعياً هذه الجهات إلى الاهتمام بالسياحة المتخصصة؛ مثل: السياحة البحرية، السياحة الجبلية، سياحة المغامرات، سياحة الأحداث الطبيعية، سياحة الفنون، سياحة مهرجانات التسوق، السياحة الرياضية، سياحة المرأة وغيرها من أنواع السياحات المختلفة.

متمنياً وأملا أن أرى السياحة العمانية عاجلاً تسهم بأكثر من نصف الدخل الوطني، وتعمل على القيام بدورها في تنويع الاقتصاد وتطويره.

أدام الله تعالى على عماننا أمنها وأمانها وخيرها الدائم، وحفظ الله تعالى سلطاننا المعظم وأبناء عمان الكرام.