أبناء الضمان الاجتماعي والدخل المحدود

 

ناجي بن جمعة البلوشي

متى يُساوى أبناء الضمان الاجتماعي والدخل المحدود بأفراد المُجتمع أو متى يساوى مستواهم الاجتماعي بباقي أبناء المجتمع؟

ليس عجباً أن أبدأ مقالي بهذا السؤال القوي لمن له علاقة اختصاص بهذه الفئة المجتمعية الموزعة أفرادها على ربوع سلطتنا الحبيبة، فعلى الرغم من وجود المادة القانونية رقم 15 من الفصل الثالث المعنون بالمبادئ الاجتماعية المبوب في الباب الثاني من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 6/ 2021، التي تشير إلى "التعاضد والتراحم صلة وثقى بين المُواطنين، وتعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي إلى الفرقة، أو الفتنة، أو المساس بالوحدة الوطنية"، إلّا أننا لازلنا نرى وجود هذه الفئة المجتمعية "أبناء الضمان الاجتماعي" أو "أبناء ذوي الدخل المحدود"، فلا نجد حيا أو منزلا يقام أو يبنى من قبل الجهات الحكومية المعنية أو جهات القطاع الخاص المتعهدة بمسؤوليتها الاجتماعية أمام المجتمع العماني، إلا وكان هذا الحي أو المنزل بخارطة البناء المعروفة والمميزة بمساحة محددة وشكل وألوان ونمط معروف؛ ليميز ساكني هذا المنزل والحي من مجرد النظرة الأولى، كما إنَّ العادة جرت التشهير بهم وبصورهم وبأسمائهم في وسائل الإعلام المتعارف عليها، فلا يخلو حفل به منح وهبات متنوعة، إلا وكانوا حضورًا باسمائهم وصورهم وعوائلهم ومناطقهم مع اللفظ الدارج عليهم مسبقًا، ويبدو هذا الحال مألوفًا حتى مع اختلاف المناسبة والمكان فالمنح الدراسية وتسليم الحواسيب أو الإعانات الدراسية أو منحهم الملابس واللوازم المدرسية ما كانت لتكون إلا ويشار إليهم على أنها في أفضل نماذج العطاء؛ بل هي نموذج مميز للمانح إلى الممنوحين من أبناء الضمان الاجتماعي وأبناء ذوي الدخل المحدود؛ سواء كان هذا يرضيهم أو يقهرهم أو دون مرعاة لمشاعرهم بين إخوانهم وزملائهم الطلبة الآخرين، إن كانوا هم في مقاعد الدراسة الجامعية أو في مدارس التعليم العام.

كما إنهم ميزوا مؤخرا في خبر قرأته بأن جهة ما منحتهم أجهزة التنفس الضرورية لحاجتهم إليها، ورغم أن المادة الممنوحة هي حاجة ضرورية للمرضى والمحتاجين إليها حالها كحال سماعات الأذن ونظارات العين وكراسي ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن الخبر كان مركزاً تركيزًا ظاهرًا على أنها منحت لتلك الفئة من المجتمع!! فأين العدالة المجتمعية؟ أو أين المساواة الاجتماعية، فإذا كان ولابُد من منح هذه الفئة شيئًا يليق بالمانح أو الواهب، فأيضًا كان واجباً عليه ألا يضع هذا اللقب عليهم وليعطي من ماله ما يشاء.

أما الجهات الحكومية المعنية التي تخالطت معها الأمور حتى بدت في وضعهم عنوانًا لها في كل مشروع وبرنامج مختلف بين الدعم أو الرعاية أو التدريب أوالتأهيل أو حتى إحصاءات وأرقام ما تمنحه الدولة لأبنائها المُحتاجين في كل محافظة وولاية، وهذا لا يعني أننا نمنع هذا النشر والإعلان لكن ليكن بعيدًا عن كونه العنوان والموضوع الرئيس الذي لا موضوع بعده، فخير الدولة يصل إلى مشارق الأرض ومغاربها دون أن يعرف المواطن ما تهبه الدولة للعالم.

ولأنَّ هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن كل أو بعض أفراد تلك الفئة المجتمعية، إلا أنَّه رسالة لمن يترفع عن المن بعد العطاء، أو الأذى بعد الصدقة، فأبناؤنا سيظلون أبناءَنا حتى نبدل من مستواهم المعيشي بأسلوب يراعي كل جوانب الحياة الكريمة، فلا يختلفون عن أبنائنا الآخرين بأي ألقاب.