"QNB": ارتفاع التضخم الأمريكي "ظاهرة مؤقتة" ناتجة عن قيود المعروض بسبب "كورونا"

الرؤية- خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنه على الرغم من تزايد المخاوف المرتبطة بالتضخم، إلا أن الارتفاع المعتدل في التضخم بالولايات المتحدة يعد ظاهرة مؤقتة ترتبط في الغالب بقيود المعروض الناتجة عن جائحة كوفيد-19.

وأوضح التقرير أنه على المدى المتوسط، ينبغي أن يشهد التضخم اعتدالاً؛ حيث لا تزال هناك طاقة فائضة كبيرة في الولايات المتحدة وتشهد قيود المعروض تراجعاً تدريجياً مع عودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته عبر مختلف البلدان والمناطق. وبين التقرير أن اقتران النمو القوي في الطلب مع القيود في معروض السلع والخدمات الناتجة عن الجائحة أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المستهلك؛ حيث ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة، وهو المقياس المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرصد التضخم، بنسبة 3.6% على أساس سنوي، وهو مستوى لم نشهده منذ عقود.

وكان "إنعاش الاقتصاد" هو السمة السائدة في الاقتصاد الأمريكي منذ أن استجاب صناع السياسات بقوة للصدمة غير المسبوقة الناتجة عن جائحة كوفيد-19. ويمكن أن يكون لعمليات إنعاش الاقتصاد، وهي تُعبر غالباً عن فترات من تزايد النشاط الاقتصادي وارتفاع أسعار الأصول بسبب سياسات التحفيز، دور إيجابي للغاية في إنعاش الاقتصاد بعد التراجع الحاد.

ومع ذلك، يمكن أن تؤدي عمليات إنعاش الاقتصاد أيضاً إلى آثار جانبية سلبية، لا سيما عندما يؤدي الإفراط في التحفيز إلى حدوث اضطرابات في الاقتصاد والسوق. ومن الأمثلة على ذلك حدوث اختلال كبير بين العرض والطلب بسبب الصدمات المؤقتة أو العوامل المصطنعة، كما حدث في سوق السيارات المستعملة في الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة. وتحدث اضطرابات السوق عندما يؤدي تدخل البنوك المركزية إلى دفع رؤوس الأموال نحو الأصول عالية المخاطر، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع التقييمات، كما هو الحال مع أسهم شركات النمو الأمريكية التي يتم تداولها عند معدلات مرتفعة للغاية في نسبة السعر إلى الأرباح.

وهذا الارتفاع السريع في التضخم يحدث في وقت لا يزال فيه إطار السياسة النقدية الجديد لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حديثاً وغير مجرب. ويهدف هذا الإطار، الذي تم الإعلان عنه رسمياً في أغسطس 2020، إلى تحقيق متوسط تضخم يبلغ 2% بمرور الوقت. وبموجب هذه الإرشادات، يجب تحقيق نسبة 2% المستهدفة خلال دورة الأعمال، مما يعني أن أي انحرافات سابقة عن التضخم المستهدف يجب تعويضها جزئياً أو كلياً في المستقبل أو "تحقيق المتوسط".

ومن هذا المنطلق، يناقش المستثمرون والاقتصاديون حالياً ما إذا كانت الولايات المتحدة على أعتاب دورة تضخمية جديدة طويلة الأمد؟ وهل سيبتعد مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي كثيراً عن نسبة التضخم المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي؟ وإلى متى سيستمر ذلك؟ بعبارة أخرى، هل ارتفاع التضخم هو الوضع الطبيعي الجديد في الولايات المتحدة؟

وفي وقت كتابة هذا التقرير، كانت المخاوف كبيرة للغاية؛ حيث تسود اختناقات المعروض في الأسواق الرئيسية، وقد تتفاقم مؤقتاً خلال فصل الشتاء إذا حدث نقص إضافي في سوق الطاقة العالمية في ظل ارتفاع الطلب الموسمي. لكن التقرير يرى أنه ينبغي أن يظل التضخم معتدلاً على المدى المتوسط على الرغم من التوقعات باستمرار ارتفاع الأسعار خلال الأشهر القليلة المقبلة. وبرر التقرير ذلك بعاملين أساسيين؛ الأول: أنه ما زال هناك قدر كبير من "عدم الاستغلال الكامل للعمالة" أو طاقة فائضة في الاقتصاد الأمريكي، مما يشير إلى أن قيود المعروض ينبغي أن تكون مؤقتة. ووجود "عدم استغلال كامل للعمالة" أو فجوة سلبية في الطاقة الإنتاجية في الاقتصاد الأمريكي يعني أن المستويات الحالية للإنتاج والتوظيف أقل من الطاقة الإنتاجية أو العمالة المتاحة. في الواقع، لا يزال إجمالي توظيف العمالة في الصناعة ونسبة العمالة إلى السكان أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة. وبالتالي، لا يزال هناك مجال لمزيد من النمو في الطلب على التصنيع والعمالة قبل أن يبدأ النشاط الاقتصادي في الارتفاع إلى درجة تؤدي إلى ضغوط تضخمية دائمة.

العامل الثاني يتمثل في الإشارات الواضحة- لكنها مؤقتة- على تراجع بعض القيود المرتبطة بسلسلة التوريد؛ حيث أشارت البيانات عالية التردد الصادرة من آسيا الناشئة إلى انتعاش قوي في النشاط خلال الشهر الماضي، مما يشير إلى تراجع كبير في تأثير كوفيد-19 ومتحور دلتا على المعروض. ومن المفترض أن يؤدي التعافي، القوي بشكل خاص في جنوب شرق آسيا، إلى إزالة بعض الاضطرابات في سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية، مع إعادة فتح المصانع واستئناف الإنتاج. وأوضح التقرير أن هذا هو السبب وراء التحسن في أوقات تسليم الصادرات الآسيوية في الأشهر الأخيرة. وفيما يتعلق بقيود الشحن، كانت هناك أيضاً بعض التطورات الإيجابية. فقد انخفضت أسعار نقل المواد الجافة بالفعل بأكثر من 50% خلال الأسابيع العديدة الماضية بينما استقرت أسعار شحن ونقل الحاويات.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z