التنمُّر في المدارس

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

كنت لا ألقي بالاً لهذه الكلمة الغريبة عليَّ، وأتحدث بيني وبين نفسي من أين خرجت كلمة "التنمر" وتابعت وبحثت وقرأت عن هذا السلوك والذي يُمكن وصفه بالمُشين؛ حيث يُؤثر على نفسيات الأطفال أكثر من الكبار ويُعرضهم للأمراض النفسية وبسببه حدثت حالات انتحار، وخلال هذه الأيام فقط قرأت عن حالة انتحار في الكويت وقتل طالب في مصر، سأذكر تفاصيلهم بعد التعريف بهذا الخطر الداهم.

ربما الأجيال السابقة كانت تُعاني من حالات التنمر بأشكال مختلفة ولكنها محدودة، وفي هذه الآونة زادت هذه الحالات وتشعبت نتيجة وجود المُحفزات لهذه الظاهرة الغريبة التي يمكن تعريفها بأنها ظاهرة عدوانية تمارس فيها مختلف أنواع العنف الجسدي واللفظي والعاطفي، وقد تمارس بشكل فردي أو جماعي ضد فرد أو مجموعة أفراد مستخدمين العديد من الأساليب منها السب والشتم والسخرية والاستفزاز والتهديد والتعليقات الجارحة وقد يستخدم الضرب والطعن والصفع وغيرها من أساليب الإيذاء الجسدي، وأخطر انتشار لها في المجتمع المدرسي؛ حيث تغيب الرقابة والتربية والتعليم والتهذيب لهؤلاء المتنمرين.

في مصر- على سبيل المثال- وتحديدًا في مُحافظة كفر الشيخ الواقعة في الشمال، وقعت حادثة بشعة، إثر قتل طالب (18 عاما)  في المرحلة الثانوية على يد زملائه بعد تنمرهم عليه والشجار معه؛ حيث تعرض الطالب إلى إصابة بجرح قطعي في الرقبة على يد ثلاثة من زملائه في المدرسة. وقبل أيام انتحرت فتاة كويتية تبلغ من العمر 15 سنة؛ حيث أنهت حياتها بالقفز من أعلى بناية مؤلفة من 14 طابقًا، وكان سبب الانتحار صديقاتها في المدرسة؛ حيث إنَّ والدها متزوج من والدتها الفلبينية وملامح البنت آسيوية، ومن ثم تنمّروا على شكلها، وبعد كثرة التنمر واستمراره، أُصيبت بالاكتئاب وحالة نفسية سيئة أدت إلى انتحارها. مثل هذه الأخبار لن تتوقف إلا إذا انتبهنا وركزنا نظرنا عليها وأجرينا دراسات منهجية واضحة لأسبابها وعلاجها والقضاء عليها أو التخفيف منها، من خلال سن قوانين ووضع لوائح وأنظمة تجرمها، وفرض عقوبات مشددة على من يثبت عليه ممارسة عمليات التنمر بأيِّ شكل من الأشكال خاصة بين الأطفال في البيئات الدراسية.

المدارس قد تكون بؤر حاضنة لحالات التنمر؛ لعدم إدراك الأطفال لخطورة هذا التصرف غير الإنساني، لذا لابُد من قيام  الأخصائي الاجتماعي بدوره في المدرسة من خلال توعية الطلاب بهذا السلوك الشنيع، وضرورة تواصل الطالب المتنمَّر عليه مع إدارة المدرسة والمُعلمين والأخصائي، حتى يتم علاج كل حالة على حدة، وعدم تجاهل الموضوع. وعلى إدارات المدارس تشكيل فرق عمل لاكتشاف هذه الحالات والقضاء عليها قبل أن تستفحل؛ حيث تظهر حالات التنمر على الطلاب من خلال عدم الدوام والغياب غير المُبرر والانعزال وظهور حالات الاكتئاب والقلق والتوتر وتدني المستوى التحصيلي وظهور حالات ضرب وغيرها.. وعلى هذا الفريق توضيح الأساليب التي يُمكن أن يمارسها الطالب الذي يتنمر عليه لتفادي تأثير وعواقب هذا التنمر.

إنَّ الوعي المجتمعي لخطورة التنمر وإدراك أفراد المجتمع لخطورته وما قد يسببه أصبح أمرًا واجبًا، وعلى الأسرة الانتباه وتحذير أطفالها لعواقب ومخاطر هذا السلوك السيئ، كما على المسجد دور بارز في النصح والإرشاد.. أما البيئة المدرسية فيقع عليها المسؤولية الأكبر نظرًا لانتشار هذه الأنماط من السلوكيات داخلها، وله تأثير سلبي للغاية على الأطفال، وهنا يتعين على الجهات القانونية إصدار تشريع وإطار قانوني يحدد العقاب على من يُمارس هذا النوع من السلوكيات الخاطئة في الدول المتقدمة.. ودمتم ودامت عُمان بخير.