العم مسعود.. زارع الابتسامة طيب الأثر

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

بعض الأشخاص تحس وكأنَّهم خُلقوا كقطعة من الجنة صفاتهم تعابيرهم مآثرهم أعمالهم كلها تدل على أنَّهم ليسوا من صنف بني البشر... فكل خصالهم من صفات أهل الجنان تعاملهم مع الجميع سواسية دون تمييز أو زيادة أو نقصان مع الأبناء والعائلة أو مع الآخرين كلهم سواء يؤثرون غيرهم بأخلاقهم وجميل صفاتهم وطباعهم وينثرون شذى التواضع والابتسامة أينما حلوا وارتحلوا تراهم في كل فرح وترح في المُقدمة داعمين مُهنئين مُعزين من هذا الصنف تحديدًا كان العم مسعود بن مرهون المحروقي.

العم مسعود رحل عن دنيانا منذ أسبوع إثر مرض عضال، لكني أشك أنَّ ذكراه سوف ترحل معه؛ بل ستظل خالدة للأبد ليس عند أبنائه وإخوانه وأحفاده فحسب بل في مُخيلة كل من عرفه والتقى به.

عرفته عن قرب فقد كان رفيق والدي في الغربة وكان بحكم أنَّه الأكبر سناً فهو الأكثر تمرسًا وحنكة في الحياة، فقد كان موجهًا وناصحًا له ومصباحًا مضيئًا له في عتمة الغربة، وبحكم قربه منه كنت أجدُ في العم مسعود أشياء كثيرة تُذكرني بخصال أبي- رحمه الله- ولهذا كنت دائم الزيارة له فقد كان طيب الحديث حسن المعشر صافي السريرة كان كالشجرة المثمرة التي لا تثمر إلا طيبا ينتفع منه الجميع.

صورة داخل المقال للموقع الإلكتروني.jpg
 

كان العم مسعود صديق الجميع الكبير والصغير فقد كان أشبه ببلسم فواح فتراه يطيب خاطر هذا ويضاحك هذا وينصح هذا ويهتم لأمر الصغير قبل الكبير وكان صاحب ابتسامة دائمة لا تفارق محياه يجبر من يلاقيه أن يعكس ابتسامته ويكسب أجره.

كان صابرًا محتسبًا الأجر لله وهو يُكافح مرضه العضال مع ابتسامة خافتة ذابلة نتيجة تأثره بمرضه رحمة الله عليه لم يقنط ولم يتذمر ولم ييأس من حاله فقد كانت قوة إيمانه أكبر وأقوى بل كان هو من يُحفز من يزوره بالطاقة الإيجابية عن الصبر والاحتساب والتوكل على الله.

ومن كريم خصاله وفي بداية مرضه التقط له مقطع فيديو مؤثر وهو يشكر الله على نعمة الابتلاء مصحوبة بالأجر ومن ثم شكر نصفه الثاني ورفيقة دربه زوجته أم أبنائه على وقوفها معه وصبرها وقت محنته مررواً بشكر أولاده فردا فردا لم يذكر الأسماء خشية النسيان وإن نسي فهو معذور في نظرهم نتيجة ما ألمَّ به شكرهم على وجودهم في حياته وعلى تآزرهم وتكاتفهم وقت مرضه وهكذا هم الإخوة فهم السند والعون.

شاءت الأقدار قبل وفاته بيوم أن يجتمع لديه كل أفراد أسرته للزيارة وكانت فرحته عارمة رغم شدة ألمه وتبادل الحوار معهم بابتسامته المعهودة وحمد الله أن رأى أفراد أسرته في ذلك اليوم وبعد خروجهم من المستشفى صارح ابنه الموجود معه بأنه سوف سيرحل عن هذه الدنيا غدًا؛ وكأنه إحساس الأولياء الصالحين.. سبحان الله!

العم مسعود مهما تحدثنا عنه لن نوفيه حقه كان إنساناً نادر الوجود تجد فيه كل معاني الطيبة والخلق الرفيع كانت مجالسته إدمان والاستماع لكلماته لها وقع رنان على القلب والوجدان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

وصدق الشاعر العراقي معروف الرصافي حين قال:

هي الأخلاقُ تنبتُ كالنبات    

إذا سُقيت بماء المكرماتِ

تقوم إذا تعهدها المُربي

على ساق الفضيلة مُثمِرات