شغف الكتابة

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

ترددتُ كثيرًا في نشر هذا المقال الذي كتبته وأنا على سريري في المستشفى لأشارككم قصتي مع الكتابة، وهي مجرد دردشة للتنفيس والانشغال عن الآلام والأوجاع التي أعاني منها، فالكتابة شغف منذ أن كان عمري 10 سنوات.

أكتب الشعر والخواطر والقصص والرسائل المجتمعية وقضاياها، وأنشرها في الصحف العمانية والخارجية، وقد نشرت في الكويت والإمارات والجمهورية السورية، ويتنامى حب الكتابة في داخلي يوماً بعد آخر. فإذا ألمّ بي ضيق لن يغمض لي جفن حتى أفرغ ما بداخلي في الورق، وبعد سرد المشكلة أرتاح وتهدأ نفسي وأنام قرير العين، فقد كتبت في ساعات متأخرة من الليل حتى الفجر.

فالكتابة عندي بلسم وشفاء، وليس لها وقت مُعين، تأتيك ملكة الكتابة كما تأتي الشاعر ملكة الشعر، وهذه الأخيرة جربتها، بالنسبة للمقالات، فكتابتها عندي سهلة وميسرة ولله الحمد والمنة.

وبمجرد أن أصادف حدثا معينا، وما إن أجد عنوان المقال إلا وتتناثر الكلمات أمام عيني، وهنا أحاول ألا أسترسل كثيراً في الكتابة حتى لا يمل القارئ. وقد شاركت في بحوث ورسائل ماجستير ودكتوراه لأصدقاء ساعدَتهم كتاباتي على نيل تلك الدرجات العلمية، وأنا بنفسي لم أنفع نفسي في هذا المجال. وعندما تصل فكرة موضوع للكتابة أقوم فورًا بالمبادرة بالكتابة في أي وقت، وفي أي مكان وزمان.

وأحيانًا أكون نائمًا وأرى شيئًا في المنام، فعندما أصحو أكتب الموضوع قبل أن يتلاشى، ولا يهمني الوقت، لأنه لا يأتيني النوم ما دامت الفكرة لم تخرج إلى الورق.

عندما يضايقني شيء في الحياة، من صديق أو من مسؤول في العمل أو من أحد من الأهل، أمسك قلمي وأكتب ما أود إيصاله إليه وإن لم أوصله إليه، لكن مجرد تفريغ عن الضيق الذي ينتابني والشعور المؤلم بالضيق، فبمجرد الكتابة تهدأ النفس وأحس بالبهجة، هذه الكتابة هي تنفيس عن الضيق وليس للنشر وغالبًا ما أمزق الورق بعد انتهاء المشكلة.

يقول لي كثير ممن حولي إنَّ الكتابة وإعلانك عن كتابك الثاني ومشروع الكتب التي تعتزم العمل بها هي السبب فيما أصابك في الآونة الأخيرة من عين ما صلَّت على النبي عليه السلام، وتغريداتك أيضاً جلبت لك التعاسة!! لكن إيماني بالله وبالقدر خيره وشره لا يثنيني عن المواصلة والتحدي وعدم الاستسلام.

لقد فكرتُ أكثر من مرة أن أتوقف عن الكتابة بعد أن اقتحم هذا العالم- من وجهة نظري- من لم يدركوا ما هو المقال، وما هي عناصره وأهدافه، والغاية منه، فبعضهم استغل قلمه في أمور لا تخدم المجتمع والقارئ، وفي الواقع ما هي إلا فرقعات زائفة، لا ترتقي إلى عالم الفكر والإبداع الكتابي، فهناك من المقالات تُجرى لها معالجات من حيث الصياغة والتدقيق اللغوي.

أنا لا أزكي نفسي، ولا أدعي الكمال، فمقالاتي لا تخلو أحيانًا من الأخطاء المطبعية، أما من حيث المضمون فإن غايتي من الكتابة هي إيصال رسائل إلى الجهات المعنية، ونقل صوت المواطن والمجتمع، ولذا أسميتُ كتابي في جزأيه الأول والثاني "رسائل" فلا أسعى للشهرة لأنه لا يوجد لدي نقص في الشخصية أو المكانة والسمعة المجتمعية، وليس لدي هوس للوصول إلى أهداف يحققها لي البشر، فالله عز وجل هو الرزاق وهو مقسم الأرزاق.

أما تمجيد الآخرين والشخصيات فهي دخيلة وتندرج تحت نطاق المجاملات والاستعطاف؛ فالكُتّاب الكبار يكتبون عن قضايا هامة، وبالإبحار في مقالات بعض الكتاب لم أجد كاتباً مرموقاً له قيمته ووزنه يمجد شخصًا ما إلا إذا كان شخصية أدبية أو عالم ترك علماً ينتفع به، أو حاكمًا عادلًا، أو شخصية كريمة رحلت وتركت إرثًا من العطاء والتضحية.