جمال الحياة في طاعة الله

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

اللهم لك الحمد والشُّكر حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه، لك الحمد كما تحب وترضى، لك الحمد في الآخرة والأولى، ربنا لقد أنعمت علينا بفيض من إحسانك وكريم عطائك، وبعثت لنا خير الرسل وتوجتنا بأعظم الكتب وأنعمت علينا بنعمة الإسلام وجعلتنا خير أمة أخرجت للناس.

فكان من الواجب علينا أن نهتدي بهديك ونعمل بشريعتك ونسير في الطريق التي رسمتها وحددتها لنا لكي نبقى مُطمئنين محاطين بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة، ربنا إنك تعلم ما في نفوسنا من خير وصلاح وبما هو سابق في علمك وما هو آت بحكمتك وقدرتك.. فقنا شر أنفسنا وسيئات أعمالنا وقنا شر الجوائح والأوبئة والكوارث والحوادث والأمراض وسوء المنقلب وابعث في نفوسنا الراحة والاطمئنان والصحة والأمان واجعلنا من عبادك الأوفياء المخلصين المخبتين لك بالليل والنهار وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم فإن هذه الجوائح والأمراض والأوبئة تمثل رسالات توعية وعظة واضحة البيان لبني الإنسان ليكون على قدر كبير من فهم المعاني الدقيقة التي تستوجب الوقوف معها والتمعن فيما تؤول إليه الحياة من متغيرات وتقلبات نتيجة الإخفاقات والهفوات التي تفرزها سلوكيات الإنسان وغطرسته والنظرة التي تسبقه إلى عالم متعثر تسوده التوترات والأحزان.

وقد جاءت جائحة كورونا بصورتها المتكاملة في هذا الزمان ونفوذها متعدد الأطوار وما صاحبها من تمحورات وجينات وعوامل جعلت الدنيا بين الضيق والشتات وبين الإحساس بالخوف والاضطرابات وبين المد والجزر في الكثير من الحالات والتي تمخضت عنها تلكم الإرهاصات وذلك من خلال هذه المعطيات التي نراها تتطور في بعض الأحيان وتتراجع في أحيان أخرى بحسب الظروف والمتغيرات، وهي بذلك قد تضاعفت معها المآسي وتفاعلت وتراجعت ونشطت وانحسرت وأتت وابتعدت وتخطت الحدود وتجاوزت المفهوم وأظهرت قوتها الفاعلة ودخلت الأزقة والبيوت ورملت ويتمت وأعلنت وتوسعت وخلفت الذعر والخوف والقلق والأزمات بما يجسد قدرتك وعظمتك يارب العالمين وهي من آياتك الكبرى التي تدعو إلى مُراجعة النفس وإعادتها إلى جادة الصواب، ثم جاء إعصار شاهين ليحط رحاله ويقلّب المواجع وينبه الناس من غفلتهم ويثير في نفوسهم يقظة الإيمان ويعلمهم كيف يجتازون الامتحان ويدفع بهم إلى ميدان العمل الإنساني وما له من وقع مُؤثر في جنبات الحياة ومُعطياتها الشاملة.

وقد هبَّ المُجتمع العماني عن بكرة أبيه من مختلف الولايات والمحافظات ومن مختلف فئاتهم وأطيافهم من رجال ونساء وشباب سجلوا ملحمة كبرى وبذلوا النفس والنفيس من أجل مساندة ومساعدة إخوانهم المتضررين من الإعصار والوقوف بجانبهم في هذه الأزمة الاستثنائية متماسكين متعاونين متحابين في الله، وعلى منصات الخير متعاضدين وبهدي رسولنا الكريم ملتزمين ومبادرين، فكن اللهم لهم خير معين وارفع درجاتهم في كلا الدارين.

إن المؤشرات التي تجعلنا نقف معها في مثل الظروف وما أفرزته هذه الكوارث والأوبئة هو نتاج ذلك السلوك المزدوج المزعج وتلك الممارسات التي لعبت دورا مؤثرا وحيزا كبيرا في مسارات حياتنا اليومية بظهور الكثير من المخالفات ضد شريعتنا وعقيدتنا ذات البعد الديني والإنساني ومن خلال ذلك أصبحنا نعمل على تهميش قيم هذه العقيدة وتلكم الشريعة ونطوع مبادئهما لخدمة القانون البشري ودعم هذه القوانين على حساب قيم العقيدة والشريعة وقواعدهما المتينة استجابة لرغبات ودوافع ما أنزل الله بها من سُلطان، وانسجاماً مع إملاءات فرضت علينا واستجبنا لها دون الشعور بحجم المسؤولية أمام الله، تلك الإملاءات التي تحثنا دائما وبدعم لوجستي متميز على الانسلاخ من ثقافتنا وحضارتنا الإسلامية حتى نكون قادرين على تغيير كل المفاهيم التي تقربنا من مبادئ ديننا الحنيف وتقوي علاقتنا به وكأننا نتعامل مع عقيدة هشة وثقافة ركيكة غير قادرة على التَّعاطي مع منظومة الحياة المعاصرة.

ويبدو لي جلياً أنَّ الوضع بحاجة ماسة إلى مراجعة دقيقة وفلترة شديدة وإقامة جسور أكثر قوة ومتانة من أجل تحسين العلاقة مع الله والعودة بأبناء هذه الأمة إلى سابق عهدها في ظل الشريعة الإسلامية السمحة والمحافظة على منهجها وديمومتها بما يجسد عبوديتنا لله وطاعته والعمل تحت مظلة شريعته، نسأل الله أن يوفقنا لما يُحبه ويرضاه ويهدينا إلى طريق الخير والرشاد إنِّه ولي كريم.

تعليق عبر الفيس بوك