صوتُ الشباب

حاتم الطائي

الاستماع إلى صوت الشباب نهج سلطاني راسخ يؤكد الرعاية السامية لهم

ملاحم الشباب أثناء الحالة المدارية تأكيد على عطائهم الهائل

الاستفادة من الطاقات الشبابية تعزز صرح النهضة المتجددة

التوجيه السَّامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- بأهمية إيجاد آليات وقنوات اتصال مع الشباب، لتحقيق جملة من الأهداف الوطنية، يُؤكد بما لا يدع مجالًا للشك حرص جلالته على إيلاء الشباب جُل الاهتمام والرعاية، فمنذ تولي جلالته- أبقاه الله- مقاليد الحكم وهو يُؤكد دومًا على هذه النقطة البالغة الأهمية، لم لا، ومجتمعنا مجتمع فتي يمثل الشباب فيه أكثر من 50%.

الحق أنَّ الاهتمام السامي بالشباب يتجلى في الكثير من المواقف والقرارات والإجراءات، ليس فقط على مستوى الأوامر والتوجيهات السامية أو المراسيم السلطانية التي تضمنت تعيين شباب في مواقع قيادية؛ بل أيضًا على مستوى اهتمام مُؤسسات الدولة التي تقتدي بالفكر السَّامي فيما يتعلق بالاهتمام بهم ومعالجة قضاياهم. ومن منطلق أنَّ الشباب هم "حاضر الأمة ومُستقبلها"، فإنَّ إيجاد قنوات الاتصال مع الشباب يستهدف إبراز الجهود المبذولة لتلبية متطلبات التنمية، وأيضًا الاستماع إلى تطلعات الشباب واحتياجاتهم، وهذا توجه رائد، يُؤكد تلاحم القيادة والشعب، ممثلا في فئة الشباب، في إطار الرعاية والاهتمام بهم، من أجل مساعدتهم على أداء الدور المأمول منهم، للإسهام في مسيرة البناء والتنمية الشاملة.

والاستماع إلى الشباب يعني الاستفادة من طاقات هائلة قادرة على صناعة المعجزات، وإحداث الفارق، بفضل ما تتمع به من قوة وحيوية، ولنا في التَّقدم الحضاري على مر العصور العبرة والمثل؛ إذ لم تقم حضارة إنسانية إلا وكان اعتمادها الأساسي على الشباب، وكما إن النهضة المباركة قامت- وما زالت- على جهود الشباب في مختلف القطاعات، فإنَّ النهضة المتجددة متواصلة بفضل هذه الجهود أيضًا؛ لأنها تتسم بالصدق والإخلاص في القول والعمل. والطاقات الشبابية هي وقود التنمية، والقلب النابض بالإنجاز، في كل ربوع الوطن وميادين العطاء.

ولا شك أنَّ إيجاد هذه القنوات الاتصالية في الوقت الراهن، يؤكد أنَّ الوطن ينتظر من كل شاب أن يُشمّر عن ساعد الجد والعمل، لكي يشارك في رفع بناء صرح النهضة المتجددة، فما رأيناه في ملحمة التضافر والتكاتف بعد الأنواء المناخية التي ألمت بأهلنا في شمال وجنوب الباطنة، يؤكد أن طاقات الشباب لا حدود لها، ولا تعرف المستحيل، ولا تهاب المخاطر، ولقد شاهدنا في الأيام- بل الساعات- التالية لإعصار شاهين قدرة شباب الوطن على العمل والإنجاز بتفانٍ، فانضمت سواعدهم لسواعد المؤسسات الرسمية، وقدموا كل سُبل الدعم لجهود الدولة في تخفيف آثار الحالة المدارية على المتضررين.

لقد آن الأوان أن نستفيد من الطاقات الشبابية في مرحلة التعافي من أزمة كورونا، وهي مرحلة مُهمة للغاية في مسيرة النمو والسعي نحو مزيد من الرخاء والاستقرار الاقتصادي، وهذا يتأتى من خلال إقبال الشباب على العمل وخاصة العمل الحر، فقطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة يتسع لكل أبناء عُمان، ولله الحمد فإنَّ مؤسسات الدولة الداعمة وحاضنات الأعمال توفر كل الدعم المادي والإداري والمعنوي للراغبين في خوض غمار ريادة الأعمال، وإن لم نستفد من طاقات الشباب وتوجهيها نحو البناء والتعمير، فلن نُحقق الأهداف المرجوة، ولن نصل إلى غايتنا المأمولة، لا سيما في ظل الفضاءات المفتوحة والانكشاف الفكري والمعرفي على الآخر، الذي لن يكون كله خير، ما يلزم ضرورة تنظيم هذه الطاقات الشبابية فيما ينفع الوطن ويدعم رخاءه وازدهاره.

وإننا في هذا السياق، نقترح أن تؤسس منصة رقمية شبابية، لتكون منتدى للشباب، وملتقى لهم يناقشون من خلالها أفكارهم وتطلعاتهم لبناء هذا الوطن، وأن نستفيد من وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة في ذلك، بالتوازي مع إطلاق ميثاق شرف للتواصل الاجتماعي، خاصة وأن هناك الكثير من الطاقات تُهدر في نقاشات غير مُجدية أو مهاترات نظرية لن تُسهم في تقدم الوطن، وقد يتضمن الأمر إطلاق إساءات أو اتهامات دون دليل فعلي.

وأودُ أن أشيرَ هنا أيضًا إلى أهمية تسليط الضوء على النماذج المُضيئة، في إطار الاستفادة من طاقات الشباب، فالتكريم المعنوي للشباب الذين أسهموا في ملحمة إعادة البناء بعد الأنواء المناخية، يمثل دعمًا كبيرًا لهم، ويُسهم في صناعة القدوات، وترسيخ نموذج العمل المتفاني.

وختامًا.. إنَّ الاستماع إلى صوت الشباب، نهج سلطاني راسخ، يترجم مدى الرعاية السامية لهذه الفئة المجتمعية المؤثرة في كل مناحي الحياة، ولذلك تحدونا آمال عريضة بأنَّ المستقبل المشرق سيكتبه الشباب بأيديهم، وسيسطرون الملاحم الوطنية التي سنظل نفخر بها جيلًا بعد جيل.