أخطاء البناء في مجاري الأودية

ناصر بن حمد العبري

تابعنا عن كثب ما خلفته الحالة المناخية للإعصار شاهين في شمال وجنوب محافظة الباطنة وشاهدنا بأعيننا الدمار والخراب للمنازل والممتلكات العامة منها والخاصة، وفي حقيقة الأمر أن هذه الظروف العصيبة التي نمر بها الآن في ولاياتنا؛ ليست هي الأولى، فقد مرَّت علينا نفس الظروف القاسية بنفس الأسباب خلال الأعاصير التي ضربت السلطنة أيام جونو وفيت ومكونو، وحتى في غير الأعاصير؛ فأثناء الأنواء المصاحبة للسيول الجارفة تقع في كثير من الأحايين أضرار كبيرة للممتلكات العامة والخاصة.

ما أريد أن أنوه إليه هو ضرورة إيجاد الحلول المناسبة لتفادي وقوع تلك الكوارث جراء أنواء مناخية أو ظروف مناخية كالأعاصير التي أصبحت تتكون في بحر العرب لتكون ضيفا شبه سنوي، يأتينا بلا حياء أو استئذان، ومن هنا لا بد أن نعد العدة ونكون على استعداد ليمر هادئاً دون خراب أو دمار، ولابد وأن أشير هنا إلى بعض الأسباب التي تؤدي للفيضانات الهائلة التي تتسرب بقوة مسببة تلك الكوارث وأهمها عدم وجود مسارات ومجارٍ محكمة للأودية التي تهبط خلال السيل والأمطار الغزيرة فخلال السيل الجارف أو الإعصار تهبط الأودية بضراوة وتمتد بسرعة كبيرة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وهنا تقع الكوارث والدمار طالما لم يكن هناك مسارات محكمة لهبوط الأودية، فأودية المياه الجارفة لابد أن يكون لها مجرى ومسار محكم تفيض خلاله بأمان دون الفيضان على البيوت والمنازل والممتلكات.

لن أتحدث هنا عن أخطاء البناء في مجاري الوديان أو بجانبها أو بمحاذاتها أو حتى بالقرب من مساربها، وبمساحات غير بعيدة عنها، وهو ما سبب تلك الكوارث وقت الإعصار، لكن أتحدث عن مسارات الوديان الحالية التي أصبحت متاخمة للبيوت والمنازل ولم تتم أي أعمال صيانة لها وهو ما أدى إلى تحول الأراضي المجاورة لبحيرات من المياه فاضت بها مياه الوديان وغطتها كلياً.

ولذا يجب إعداد دراسة ووضع استراتيجية جديدة وإيجاد حلول قاطعة تحفظ قاطني تلك البيوت والممتلكات من اندفاع المياه إلى بيوتهم، وذلك بإنشاء مسارات للوديان، وفي الوقت ذاته يجب عمل دراسة كاملة ومستفيضة للأماكن التي تصلح لإنشاء السدود فيها وذلك للاستفادة من مياه السيول والمحافظة عليها من الهدر.

وقبل الختام وجب أن أوجه تحية شكر وتقدير لشرطة عمان السلطانية ورجالنا البواسل من الجيش السلطاني على جهودهم المشكورة خلال عمليات إنقاذ المتضررين من الإعصار شاهين وهو ما عهدناه منهم. كما أوجه الشكر والتقدير لكل أبناء عُمان الأوفياء الذين يسطعون دوما في الظروف الاستثنائية كالشمس بضيائها الوهاج ليمحون آثار تلك الظروف الحالكة ويخففون على إخوانهم المتضررين كل حسب قدراته وإمكاناته ليرسموا بعطائهم أبهى وأجمل صور التكافل في أشد المحن لتبقى عُمان الشموخ والعزة والكرامة بأبنائها الأوفياء وفي ظل القائد الأعلى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-.