"شاهين".. إليك رسالتنا مع التحية

 

خالد بن سعد الشنفري

 

مجبولون نحن العمانيين بالفطرة كمسلمين على الصبر على القضاء والقدر والرضا بالابتلاء، ولكن الرضا لا يعني الاستسلام، ويعلم كل منّا في قرارة نفسه كمؤمنين بأن الابتلاءات عندما تنزل من السماء وهي عامة لا تقتصر على مسلمين أو موحدين أو غيرهم، لا يردها إلا الدعاء الطالع من الأرض إلى السماء، فيتصارعان فيما بينهما بين السماء والأرض إلى يوم الدين، وبالتالي فأيهما كفته ترجح، وهذه سنن الله في الكون، والله غفور رحيم بعباده.

"شاهين" على ما يبدو اخترق حاجز دعائنا ونزل علينا منقضًا بجناحيه، يخبط بهما خبطا عشوائيًا ويضرب بهما ذات الشمال وذات اليمين. لقد وصلت الرسالة يا "شاهين"، فشكرًا لك، وأكبر دليل على أننا استوعبنا الرسالة وسنُغير ما بأنفسنا- لا يغير الله ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم- هذه الهبات التي تنادت لتغير ما أحدثته فينا.

لم أشعر بما يبهج النفس طول حياتي كما أشهده اليوم من ملحمة وطنية سجلت في هذا الشهر من هذا العام كما نعيش اليوم، دون يا تاريخ، لقد حوّلْنَا كعمانيين اليوم المحنة إلى منحة، وأي منحة وميزة وصفة يتمناها شعب ما مثلما يحصل بيننا اليوم؟! تركنا كل المحن التي توالت علينا خلال العامين المنصرمين جانبًا، وهببنا هبّة رجل واحد، رجالًا ونساءً وأطفالًا، هبة نزوى، وهبة ظفار شمالًا وجنوبًا، هبة طفلة وضعت لعبها وأقلامها وألوانها في حقيبة لتستفيد منها أخت لها فقدت كل ذلك بين عشية وضحاها، هبّة شاب مُعاق على كرسيه ذهب غير قادر على التعبير بالنطق والكلام؛ ليمد يده بمبلغ 20 ريالًا قد تكون كل ما يملك لتعين أخًا له، نساء من مدارس دينية "مدرس" في صلالة تجمعن في كل مدرس لهن وعلى قمم الجبال لقراءة القرآن والدعاء.

نعم شاهين شتتنا ما أحدثته بنا من خبطات أجنحتك من أضرار بيننا بالتساوي، فلن تنال منا إلا إذا قضيت علينا جميعا- فالضربة التي لا تقتل تقوّي- ولن يحصل لك ذلك، فلا تحلم به لا أنت ولا أي شاهين بعدك- لا قدر الله- لأننا أحباب الله في أرضه، ولأن إيماننا به إيمان فطري تشربناه مع حليب أمهاتنا ولأننا من دعا لنا رسول الله وأول دولة مصرها منذ أربعة عشر قرنًا.

شكرًا شاهين على الرسالة، فتقبل رسالتنا هذه لك، والملحمة الوطنية العمانية ما زالت مستمرة، والنتائج ستكون مثمرة ومبشرة بخير كبير لعُمان، سنعقلها جيدًا ونتوكل على الله أولًا وأخيرًا.