لقد سئمنا من التذمر

 

سالم بن نجيم البادي

 

كثر التذمر في هذه الأيام حتى زاد عن الحد المعقول وخرج عن السيطرة وتمَّ تضخيم الإخفاق ونشره والمبالغة في الحديث عنه وغض النظر عن الإنجاز والنجاح حتى أن المتتبع لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي في بلدنا يعتقد أنَّه لايوجد شيء جميل ولا شيء إيجابي ولا توجد جهود تبذل من أجل الإصلاح وعلاج الأخطاء المتراكمة.

ولقد سئمنا من التبرم والشكوى والتباكي ولطم الخدود والردح والنواح، ورغم أنه من حق النَّاس التعبير عن قضاياهم وهمومهم اليومية، لكن من غير المنطقي أن ينضم معظم الناس إلى الجوقة التي تعزف سيمفونية التبرم، وأن يركبوا موجة النقد لكل شيء في البلد، وما أسهل التنظير والجلوس على دكة المتفرج ورمي الذين يعملون في الميدان بسهام النقد دون اقتراح الحلول والأفكار الخلاقة، والعمل الجاد الذي يسد الخلل في أداء الحكومة إن وجد.

لقد شعرنا بالخجل والحرج والألم من هذا التبرم الذي يبث ليلًا ونهارًا في فضاء العالم الافتراضي، ويا ليت لو يسأل أهل التذمر أنفسهم إن كان هذا الذي يتم نشره يُؤثر على سمعة بلدنا في الخارج ويرسم لها صورة غير صحيحة وينفّر السائحين والمستثمرين من القدوم إليها، لكن لا ينبغي إلقاء اللوم كله على هؤلاء الذين أدمنوا التذمر.

إن عدم إنصات بعض المؤسسات إلى مطالب الناس وتنفيذ ما يمكن تنفيذه منها، يخلق حالة من الاستياء، فلا يجدون متنفسًا سوى وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه العقبات والصعوبات والتعقيدات التي تجعل اللقاء المباشر بين المواطن والمسوؤل الكبير حلمًا صعب المنال، كما إن الأُبهة والفخامة التي يتصنعها بعض كبار المسؤولين تساهم في لجوء الناس إلى طرق أخرى للتعبير عن الرأي، ويُخشى أن تتسع الهوة بين المواطن والمسؤول والاعتقاد بأن المؤسسات الرسمية لا تهتم سوى بجباية الضرائب للخروج من أزمات سابقة لا ذنب للمواطن فيها.

الصمت ينبغي ألا يكون نهجًا لأي مسؤول؛ بل الشفافية والصراحة والصدق والمكاشفة والاعتراف بالأخطاء والتقصير والإعلان عن حجم الأخطاء والهدر والأراضي المنهوبة، ونشر أسماء من تثبت إدانتهم في قضايا فساد، واسترداد كل ما أُخذ بطرق غير مشروعة، فضلًا عن منح وسائل الإعلام المزيد من الحرية للحديث عن كل مشاكل الوطن، مهما عظُمت.

هناك المسؤول الذي يستفز النَّاس بتصريحات تثيرهم وتصبح مادة دسمة للتعليقات الساخرة، والمُصيبة حين يُصِّر هذا المسؤول على تكرار التصريح الذي أثار الناس ويتخذه شعارًا له عوضًا عن الاعتذار عن ذلك التصريح، وفي ذلك عناد وتحدٍ لمشاعر النَّاس، وعليه أن يترك إنجازاته تتحدث نيابة عنه!

وذلك المسؤول الذي يظهر على وسائل الإعلام ويجيب على الأسئلة بطريقة مستفزة، والمسؤول الذي لا يجيب لأنه ليس لديه إجابة شافية ويظهر بصورة مهزوزة أو تكون الإجابة لا علاقة لها بالسؤال مطلقًا، يعطي انطباعًا للناس بأنه غير مؤهل للمنصب الذي يشغله.

وضحي المسكين يقول لكل مسؤول: تواضعوا للناس وانزلوا إلى الميدان واختلطوا بالناس واتبعوا سياسة الأبواب المفتوحة.

إنَّ على كل مواطن غيور على وطنه أن يُتيح الفرصة للحكومة للعمل حتى نسمع ضجيج الإنجازات الكثيرة والمشاريع الضخمة فلا وقت للصمت!