هل سحبت وسائل التواصل البساط من أهل الاختصاص؟

 

 

سالم كشوب

عضو جمعية الصحفيين العمانية

sbkashooop@gmail.com

 

هل أصبحت وسائل التَّواصل، الوسيلة الوحيدة لإيصال رسائل أو مطالبات أو طلب توضيح في بعض القضايا؟ ما الذي يدفع مغرداً لاستخدام هذه الوسائل بدلًا من التواصل مُباشرة مع الجهات ومواقعها المنتشرة سواء بالشكل التقليدي أو عبر منصات التواصل الاجتماعي؟

والأدهى أن مُمثلين لمجلس الشورى يبررون بعض المعوقات عبر منصات التواصل بدلاً من استخدام الأدوات والصلاحيات الموكلة لهم، فهل فعلًا نحن أمام مشكلة لا تحلها إلا منصات التواصل الاجتماعي؟ أم أنَّ البعض تسرع في عدم التدرج في المطالبات والتوضيح واستخدم تلك المنصات؟ بالتالي هناك تساؤل موجه إلى مختلف الجهات: أين مواقعها عبر منصات التواصل الاجتماعي من بناء شراكة فاعلة وحضور مؤثر مبني على سياسة ورؤية واضحة وتوظيف المختصين لإدارة تلك المواقع وإعطائهم الصلاحيات والأدوات المطلوبة؟ أم أن ما يحصل هو مُجرد بحث عن شهرة ومتابعين وإعجابات ومختلف الجهات تقوم بواجبها على أكمل دور والسبب هو في عدم التواصل مع الجهة المختصة وإنما مباشرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟!

ملاحظة أخرى دائماً نلاحظها لدى البعض من المسؤولين وبعض الجهات للأسف، وهي حصرية المعلومة والتصريحات لبعض المُغردين، وإغفال جانب ودور وسائل الإعلام، كشريك حقيقي ومؤثر، تقع على عاتقه أدوار ووظائف تتطلب من مختلف الجهات تسهيل مهام عمل الإعلاميين؛ سواء في سهولة الحصول على المعلومة والإجابة على مختلف التساؤلات التي يبحث المجتمع عمّن يجيب عليها في الوقت المناسب، وليس فقط جعلها حصرية لبعض المُغردين، وكأنهم هم الجهة الممثلة للمجتمع! قد يكون هناك عتب على بعض وسائل الإعلام والإعلاميين في عدم حضورهم وتأثيرهم، لكن لابُد من مختلف الجهات أن تعي أن مسؤوليتها مع وسائل الإعلام مشتركة، ودورها ليس فقط في ردة فعل على بعض ما يُثار حول مهام وأدوار عملها، وإنما أهمية وجود رؤية وسياسة إعلامية تتواكب مع متغيرات العصر وتأثير وأهمية وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت المتحدث الرسمي الأول. وبالتالي أهمية مواكبة هذه المرحلة ليس فقط في عملية التفاعل والتواصل وإنما صيغة ونوعية المحتوى المقدم ليتناسب ونوعية الوسيلة المستخدمة ولا سيما اختيار التوقيت والزمن المناسب فأحياناً للأسف يتم الرد على بعض المواضيع من قبل بعض الجهات في الوقت بدل الضائع وبالتالي إرسال رسائل سلبية ومحبطة قد تفهم بأنه لا يوجد أي اهتمام أو تفاعل من تلك الجهات مما يُقلل من نسبة شعبيتها ودرجة الوثوق بها لدى شرائح مهمة في المجتمع ويبني صورة قد تكون غير صحيحة عنها في أذهان وفكر المتابعين لها.

من الأهمية بمكان أن تكون هناك استفادة إيجابية من منصات التواصل الاجتماعي من خلال بناء شراكة حقيقية وفاعلة بين مختلف الجهات والمغردين ووسائل الإعلام، مبنيةً على التواصل الفعّال والإيمان بأهمية وقيمة ودور تلك الشراكة بدلاً من عملية كيل الاتهامات للطرف الآخر بأنه هو المقصر، وهذا يتطلب سياسة واضحة توظف المُختصين من أصحاب الكفاءات في مواقع التواصل الخاصة بمختلف الجهات وإعطائهم الأدوات اللازمة لعمل شراكة حقيقية ترضي طموح ورغبة الجميع؛ فالمسألة في النهاية تتعلق ببيانات ومعلومات تتطلب سهولة الحصول عليها ونشرها في التوقيت المناسب والتوضيح، وإعطاء المبررات في بعض الإجراءات من خلال محتوى وصيغة سهلة تتواكب مع متغيرات وظروف العصر الحالي الذي يتطلب جاهزية وتناغماً بين أدوار وجهود مختلف الجهات والفئة التي تخدمها. والإعلام الذي ينتظر منه الشيء الكثير ليس فقط ناقلا للخبر، وإنما وسيلة يُعتمد عليها في التوضيح والمساءلة ونقل هموم ومشاكل المجتمع لجهات الاختصاص، بدلًا من إعطاء تلك المهام لأشخاص غير متخصصين، وإنما فقط لديهم متابعين ونراهم يغردون في مختلف الاتجاهات والمواضيع، والأهم من ذلك عند النقد والاستفسار، يكون عن الموضوع المثار وليس التهكم على أشخاص وتحويل القضية إلى اتهامات شخصية بدلاً من القضية محل النقاش والحوار.