هداية من دَيجُور الضلالة

 

روان بنت سعيد الذهلية

 

على كلِّ واحدٍ منِّا أن يُدرك فلسفة الحياة، ويُدرك كيف تجري حقيقةُ الأمور بعيدًا عن تعصُب البشر ونزواتهم، علينا أن ننتقي ما نسمع وما نرى وفقًا لضوابط نضعُها لأنفسنا، وينبغي التأنِّي في وضع هذه الضوابط؛ لأنها ستكون المُحركَ الذي يدفعنا للانخراط في حياتنا، وبهذه الضوابط سنصنعُ فلسفتنا الخاصة.

قد ترى أنَّ مُصطلح " فلسفة" مصطلحٌ مُعقدٌ، ولكن لتبسيط الأمور، لِنَقُلْ إنها معرفةٌ وأداتُها - بمفهومي الخاص- وحين أقولُ معرفة فأنا أشرتُ إلى عقلك بكل ما يحتويه من تفاصيل، فأنت لن تدرك الفلسفة إلا بمقدار ما يعرفه عقلك عنها؛ لذا لنترك جميع التفاصيل الطويلة عن الفلسفة ولنركز على عقلك وفلسفته.

كيف قضيتَ حياتك فيما مضى؟ هل كنت تدرك الضوابط التي وضعتها لنفسك؟ هل كنت تدرك أنك تمضي وفق فلسفة معينة اختارها لك عقلك؟

إن كانت الإجابة نعم فأنت في بَرِّ الأمان، وما عليك سوى أن تدرك مصدر تشكلها، وإعادة ضبطها إن كان المصدرُ خاطئًا، وإن كانت إجابتك لا، فعليك أن تترك كل شيء يشغل بالك في هذه اللحظة، وتذهب في رحلة داخل عقلك لتتعرف عليه بعمق. إنَّ عدم معرفتك لضوابطك التي تُشكل فلسفتك هي من أهم الأسباب التي تجعلك تشعر بالضياع، والفراغ، وقلة الحيلة، وعدم التمتع باللحظة، إنَّ جهلك بها يجعلك تعيش متخبطًا في حياتك ترتمي بين نواحيها بعشوائية وتعسفية.

هل لإدراك فلسفتنا الخاصة هذه الأهمية؟!

نعم، مثلًا فكر في نفسك، أين كنت بالأمس وكيف أصبحت اليوم، وكيف ستنطلق للغد، كم من القرارات التي اتخذتها، والمواقف التي مررت بها، من البديهي وجود أخطاء ونزوات في حياتنا فنحن بشر، ولكن استمرارك على الخطأ، أو عدم قدرتك على نسيان أثر ذلك الخطأ، أو انكارك وجود الخطأ بعينه يعود لمجموعة من الأفكار والقيم التي تُهيمن على عقلك والتي بناها وفقًا لضوابط تحتمل الصحة أو الخطأ وهي (فلسفتك)، إن كنت غير مدرك لها كيف ستسيطر على مسار حياتك؟ وكيف ستضبط نفسك؟

حياتنا زمنٌ مقدرٌ لنا، وجهلنا بكيفية العمل بشكلٍ سوي فيها يجعلنا نفقد متعة كل لحظة تمر بنا بحلوها ومُرِّها، قد تتسائل كيف نتمتع في اللحظات الصعبة والتي تمثلُ مصدر حزننا وهمنا وغمنا في هذه الحياة؟!

أُخْبِرُك أنَّها فلسفتي الخاصة، وعليك أن تبحث عن إجابة هذا السؤال وفق فلسفتك، فإن وصلتَ لذات إجابتي فقد اشتركنا في أحد المصادر التي حددت ضوابطنا في الحياة.

لا تُهدر زمنك عبثًا وابدأ بالتغيُّر، فلا توجد معجزة تجعلك تتغير، بل أنت مَن تصنعها بإرادتك، إنَّ اخباري لك بالتغير أو فرض أحدهم عليك التغير لا يجعلك تتغير، فقناعتك وحدها مَن يحدد موعد تغيرك وكيفيته ومقداره، لم يفت الأوان بعد، مازال بإمكانك إيجاد ضوابطك وفلسفتك، ولكن لا تُطِل التفكير فلا تدري متى ينتهي زمنك.

تعليق عبر الفيس بوك