الانتخابات الرياضية تضع أوزارها!

 

حمود بن علي الحاتمي

alhatmihumood72@gmail.com

 

اختتمت يوم السبت الماضي انتخابات الاتحادات الرياضية بانتخاب أعضاء الاتحاد العُماني لكرة القدم، الانتخابات كانت مثار جدل بين جماهير الرياضة العُمانية ويؤججها الإعلام الرياضي تارة، ووسائل التواصل الاجتماعي تارة أخرى.

لا شك أن مُستقبل الرياضة العُمانية يعتمد أولاً على دور وزارة الثقافة والرياضة والشباب والأعضاء الذين انتخبوا في الاتحادات ثانيًا، والجمعيات العمومية في الأندية ثالثاً. ولعلنا هنا نرصد مشاهد للانتخابات ومنها:

المشهد الأول: خروج أبناء اللعبة في بعض الاتحادات ودخول رؤساء أندية لرئاسة اتحادات ليس لهم فيها إلا اسمها، وإذا أحسنا الظن فقد تكون خبرتهم الإدارية هو ما يشفع لهم، رغم أن أنديتهم تتخبط إداريًا وماليًا فعسى أن يكون التغيير للأفضل.

المشهد الثاني: صوت الأندية القوي الذي علا في هذه الانتخابات، واستطاع تنحية الإعلام وتأثيره جانبًا، وأتمنى ألا تكون لعبة المصالح بين الأندية (أحضر عرسي اليوم.. وأردها لك في أفراحك... انتخبني في هذا الاتحاد.. انتخبك في ذاك الاتحاد..).

المشهد الثالث: الشحن الإعلامي الذي رافق انتخابات كرة القدم، وما أججه الإعلام بين هذا المترشح وذاك، مع أن العملية يفترض أن تظهر رؤية كل مترشح، وكان يجب أن نظهر عمل كل مترشح لا النيل منه، فما حدث يحتاج إلى وقفة، وحتى بعد انتهاء الانتخابات بعض ممن يحسبون على الإعلام، وممن قرأنا لهم أعمدة سقطوا في هذه الانتخابات سقطة إعلامية وصلت بهم إلى القاع؛ وذلك من خلال تهكمهم على مترشح خسر الانتخابات تارة، ووصف الآخرين ممن لا يؤيدونهم ثم نعتهم بالكلاب الضالة في تغريدة.. مستشهدين ببيت شعري هم أخطأوا في نقله حرفيًا.

إنها سابقة خطيرة في الإعلام العُماني لم نعهدها من قبل، وعلى وزارة الإعلام متابعة الموقف، كما نُعوِّل على جمعية الصحفيين العُمانية إلزام الجميع بميثاق الشرف الإعلامي الذي لا يمكن تجاوزه.

ما رافق انتخابات كرة القدم يُمثل سقطة إعلامية وقع فيها بعض الإعلاميين للأسف الشديد!

لكن.. ماذا بعد الانتخابات؟!

بعد أن وضعت الانتخابات أوزارها يجب أن نكون عونا وسندا لكل من انتخب في هذه الاتحادات، ولكن هناك أدوار للمنظومة الرياضية في السلطنة ومنها:

أولًا: وزارة الثقافة والرياضة والشباب؛ التي يتعين عليها مراجعة ومواءمة شروط الترشح للانتخابات الرياضية؛ إذ لاحظنا ازدواجية في حق الترشح، فمثلا اتحاد السباحة غير مُقيد بعدد فترات الترشح، وأفرز فوز رئيسه الحالي لأكثر من 30 عامًا، بينما الاتحاد العُماني لكرة القدم حدد فترتين، وخرج من الاتحاد أعضاء مشهود لهم بالكفاءة، بسبب هذا الشرط.

كذلك على الوزارة تفعيل المساءلة الإدارية والمالية على الاتحادات والأندية، والتنسيق مع جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، فهناك هدر في الإنفاق، والنتائج غير ملمُوسة في الاتحادات والأندية، فكلها تتخبط وتغرق في الديون؛ بسبب الصرف غير المُبرر، كذلك الخطط العقيمة التي تعمل بها هذه الهيئات.

ومن الأدوار التي يجب على الوزارة القيام بها أيضًا، تأهيل قيادات رياضية شابة تدير رياضتنا العُمانية من خلال الدورات والمنح الدراسية، والتأهيل والتدريب بدءًا من الأندية وصولًا إلى الاتحادات. ويجب كذلك مُراجعة قوانين وشروط عضوية الجمعيات العمومية للأندية؛ فهذه العضويات لا تظهر إلا قبل الانتخابات مُباشرة، وثمة ممارسات خاطئة يمارسها بعض المترشحين بالتجديد لأعضاء لم يدخلوا أنديتهم منذ أكثر من 10 سنوات، ويقوم المترشح بتجديد عضويتهم لانتخابه عضواً أو رئيسا.

أتمنى أن تُجدد العضويات سنويًا، وأقصى فترة تجديد 3 سنوات وبعدها تسقط العضوية. لكن ما يحدث حالياً هو يضعف دور الجمعيات العمومية في مساءلة أنديتها. كذلك مراقبة بعض الأندية في تحديد رسوم العضوية بعضها كما يُشاع وصل إلى 50 ريالًا!

هناك فكرة وهي أن يقوم العضو بتجديد اشتراكه في الموسم بمبلغ 25 ريالاً، ويحق له دخول مباريات فريقه دون تذاكر، وتصدر له بطاقة عضوية، وكذلك يحق له ممارسة التدريبات البدنية في منشآت النادي، بحجز مسبق، علاوة على إمكانية حضور الفعاليات الثقافية حتى يستشعر العضو بانتمائه للنادي.

ثانيًا: الاتحادات الرياضية؛ نبارك لكل من فاز في هذه الانتخابات مهما كانت التوجهات، لكن بعد أن فصل صندوق الانتخاب ينتهي الكلام ويبدأ العمل الجاد، وعليكم بمراجعة ما تم في المرحلة السابقة، والبناء عليه وليس إلغاء عمل الآخرين. فليس كل اتحاد كان فاشلًا، لكن الظروف لم تسعفه والاتحاد الحالي يعول عليه في العمل بفكر جديد وعمل جاد بعيداً عن التنظير، وبمبدأ قياس الأداء وتصحيح المسار في حالة الإخفاق، وخلق منظومة عمل مُتجانسة بعيدة عن الصراعات التي شهدتها بعض إدارات الاتحادات السابقة، وهذا دور يقوم به قادة الاتحادات (الرؤساء)، وإلا فشل عملهم، وسبب نتائج اتحاداتهم المخيبة للآمال.

ولأعضاء الاتحادات نقول لهم: أنتم دائماً على بساط المساءلة طالما تم انتخابكم. عطاؤكم نجاح للرياضة وتقصيركم سبب في نتائج اتحاداتكم، أنتم محاسبون رسميا وجماهيريا ضعوا عُمان نصب أعينكم، والعيون شاخصة نحوكم تتابع عن قرب أعمالكم فكونوا قدر المسؤولية.

ثالثًا: الأندية؛ التي كان صوتها قويًا في الانتخابات، وأتمنى أن ينعكس ذلك إيجابًا على عمل الاتحادات الرياضية، لكن عليها ترتيب البيت الداخلي بمراجعة أهدافكم وخططكم، وما وصلت إليه الأندية نتاج عمل غير صحي، منها البذخ في التعاقدات والتكاسل في الاستثمار، والسعي وراء الحصول على نتائج وقتية، وفي النهاية ضعف مخرجات الألعاب، وديون متراكمة وعدم استقرار الأوضاع المالية والإدارية، كما أصبح نجوم الكرة كل عام في النادي الذي يدفع أكثر! وهبوط أندية كانت تنافس على مختلف المسابقات.

رابعًا: الإعلام الرياضي؛ وهنا أقترح إنشاء جمعية الإعلاميين الرياضيين، تكون لها صلاحيات واسعة في صياغة ميثاق شرف إعلامي تُحاسب فيه من يُثير النعرات الرياضية ويتجاوز الذوق العام، مع العمل على تأهيل الكوادر الشبابية وتمكينها مستثمرين. وجود منابر مجالس جماهير الأندية (مجلس جماهير الرستاق) نموذجًا، وأبراز الطاقات الشبابية في المجال الإعلامي التقليدي والرقمي على حد سواء.

خامسًا: الشباب والأندية والاتحادات هي منجز وطني رياضي وجدت لخدمتكم وصقل مواهبكم وتفجير طاقاتكم، واختياركم للنشاط المناسب لميولكم يجعل النادي يحيى وينتعش بالانضمام إليه، فكونوا فاعلين في أنديتكم ونشاطاتكم المختلفة، مارسوا حقوقكم بكل وعي، اختاروا أعضاء مجالس أنديتكم بحيادية ومسؤولية، أنتم الأمل في انطلاق رياضتنا العُمانية نحو منصات التتويج الإقليمية والعالمية.

ختامًا.. نتطلع إلى عمل صادق ومخلص من الاتحادات الرياضية، ومتابعة ومحاسبة من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ويكون الدعم على قدر العمل ووفق الأهداف، وبعيدًا عن مساواة الاتحادات والأندية في الدعم المادي (ماذا تعمل.. كم من الدعم ستحصل.. على قدر أهل العمل.. تأتي المبالغ). ولنرفع شعار: متابعة.. دعم... مساءلة.

ولا شك أننا نثق في حكمة صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، في تغيير مسار رياضتنا العُمانية خلال السنوات المقبلة، بإذن الله تعالى، من خلال سن القوانين والتشريعات في المنظومة الرياضية وسد الثغرات في جوانب مختلفة، وبإذن الله نستبشر بإنجازات رياضية، والعمل على المسار الصحيح.