أين جمعية البيئة العُمانية مما يجرى في ظفار؟

علي بن سالم كفيتان

ما زال المُهتمون بالشأن البيئي يتساءلون عن القرار الذي قاد جمعية البيئة العُمانية لإغلاق مكتبها في مُحافظة ظفار بعد أن فتحته لبضع سنوات، فقد شكّل ذلك هاجسًا كبيرًا للناشطين في مجال قضايا البيئة؛ سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، فكيف للجمعية البيئية الوحيدة في السلطنة والمُشهَّرة وفق القانون أن تنسحب من ظفار التي تمثل 80% من التنوع الأحيائي في عُمان؟

هذا السؤال لم يجدوا له إجابة مُقنعة حتى اليوم، ويجب على مجلس إدارة الجمعية أن يصدر بيانًا توضيحيًا للمجتمع، فلم يعد من المنطقي أن تبرر وزارة التنمية الاجتماعية رفض طلب أي جمعية جديدة تعنى بقضايا البيئة بسبب وجود جمعية أخرى لا تنشط ولا تولي اهتمامًا بما يجرى في المحافظات، وصبت جُلَّ اهتمامها منذ إنشائها على النظم البيئية البحرية، وحصرًا في السلاحف والحيتان والشعب المرجانية.

تحظى جمعية البيئة العُمانية برعاية الجهات الرسمية في السلطنة، إضافة لكونها الذراع الوحيد المسموح له طلب التمويل المالي والفني من الداخل والخارج، لكن المتابع لتوجيه الدعم المالي والفني يرى بوصلته تتجه لوجهة واحدة بعينها، ويقوم هذا الجهد- رغم تقديرنا العميق له- على طاقات غير عُمانية بشكل عام، مما يعني ذهاب التمويل المُتحصَّل عليه لجهات بحثية من خارج السلطنة؛ سواء أكانت مؤسسات أو أفرادًا يتم التعاقد معهم لإنجاز بعض الأعمال البحثية المنصب معظمها على الحيتان والدلافين والسلاحف والشعاب المرجانية. هنا المراقبون يطالبون بتبيان آلية توجه العمل والتمويل حسب النظم البيئية في السلطنة (الجبلية- الصحراوية- البحرية)، إضافة إلى إيجاد توازن بين بحوث الأحياء البحرية والبرية والطيور والغطاء النباتي والتلوث البيئي والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية.

كل تلك التساؤلات تتردد اليوم بقوة في أذهان الكثيرين من المهتمين بالشأن البيئي في السلطنة، في ظل احتكار العمل الأهلي لحماية البيئة تحت لواء هذه الجمعية.

يتطلع الكثير من المهتمين بحماية النظم البيئية في السلطنة؛ لإيجاد المرونة الكافية لدى وزارة التنمية الاجتماعية لإشهار جمعيات أخرى وفي مختلف المحافظات، وحتى في القرى والحلل الصغيرة؛ إذ إن المسؤولية الفردية تجاه حماية البيئة تمثل الأساس لقيام وعي واسع النطاق بقضايانا الرئيسية؛ مثل: التصحر وفقدان الأنواع النباتية بشكل متسارع، جراء الرعي الجائر والاستخدام غير المستدام للموارد، في ظل تعطيل قوانين صدرت بمراسيم سُّلطانية سامية، نذكر منها- على سبيل المثال لا الحصر- قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية الصادر منذ عام 2003؛ حيث لم يعد مقبولاً أن يكون رد المعنين بإشهار الجمعيات الأهلية أن هناك جمعية أخرى تم إشهارها، ويجب على من يريد العمل الانضواء تحت مظلتها، حتى ولو كانت تلك المظلة لا تُغطي كل الوطن! وبات اليوم الأمر مُلحًا؛ فإما أن تعود جمعية البيئة العُمانية إلى الميدان في محافظة ظفار وبقية محافظات السلطنة الأخرى، وتلم شتات العمل الأهلي تحت فروعها وتخصص موازنات كافية لتلك الأنشطة، أو أن تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بإشهار الجمعيات والفرق الأهلية المتقدمة إليها لطلب الإشهار الرسمي، كلٌ حسب منطقته ونطاق اهتمامه.

حسب ما هو متاح لدينا من معلومات، لم تموِّل جمعية البيئة العُمانية أي مشروع في محافظة ظفار، رغم أهميتها البيئية، باستثناء دراسة قام بها الدكتور محسن العامري- رحمه الله- تتعلق بمواسم حصاد اللبان، والطرق التقليدية لاستخراج هذا المنتج المحلي. وعندما كان الفرع مفتوحًا في ظفار، نفذ المكتب عمليات استزراع على استحياء لبضع أشجار، وأقيمت بعض المحاضرات التوعوية في المدارس، وكان السبب المُعلن لانسحاب الجمعية من المحافظة- كما تلمسنا- عدم وجود التمويل الكافي لسد إيجار مقرها ورواتب مدير الفرع والموظفين، إضافة لقصور القطاع الخاص عن دعم جهود الجمعية وعزوف المجتمع عن التعاون معها!

حسب وجهة نظرنا يوجد اليوم خياران متاحان أمام وزارة التنمية الاجتماعية ومجلس إدارة جمعية البيئة العُمانية؛ وهما إما أن تعود الجمعية لفتح فرعها في ظفار وتمارس مسؤولياتها الوطنية في منطقة تُعد الأكثر تنوعًا والأشد تأثرًا على مستوى السلطنة، في ظل صحوة غير مسبوقة من الناشطين البيئيين ودعم معنوي مُقدَّر من هيئة البيئة ومكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.. وإما إشهار الجمعيات التي تقدمت بطلباتها مكتملة حسب قانون الجمعيات الأهلية العُمانية.

حفظ الله بلادي.