سالم بن نجيم البادي
هنا وفي هذا المقال لن أتقمص دور محامي الشيطان ولا أقر ولا أرضى أن تنتشر في بلادنا عُمان وطن الإيمان والطهر والعفاف والقيم والأخلاق الفاضلة والعادات العربية الأصيلة والتدين العميق، بعض الأمور الطارئة والدخيلة والشاذة والغريبة، مثل الإلحاد والنسوية والخمر والملابس المبتذلة، لكنني أقف مندهشًا وغير مُصدق ولا أستطيع فهم وإدراك كل هذا الحديث المُبالغ فيه بين النَّاس في المجتمع عن الإلحاد والنسوية ثم الخمر والهاف، ومن يقرأ ويسمع ما يدور من أحاديث حول هذه المواضيع، يُخيّل إليه أن عُمان قد تحولت كلها إلى الإلحاد، وأن نساءنا قد تمردن وضربن بالدين والقيم والأخلاق عرض الحائط، وأن الخمر صارت تُباع في الشوارع كما الماء أو المشروبات الغازية! وأن عندنا خمارات وملاهٍ، وكأننا في لاس فيجاس الأمريكية "مدينة الخطيئة"، وأن نصف رجالنا يمشون شبه عراة في الأسواق!!
نحن مجتمع عاطفي بامتياز، ننساق بسرعة هائلة إلى القضايا التي تثار بين فترة وأخرى، ونتجاوز كل الحدود وننسى الهدوء والتأني والعقلانية، ودراسة المواضيع المتداولة من جميع الجوانب، والسؤال عن الأسباب للوصول إلى الحل، بعيدًا عن الاندفاع والتسرع والعاطفة والسباحة مع التيار وركوب الموجة، وكل منِّا له هدف وغاية، وبعضنا يدلو بدلوه لمجرد أنه شاهد الناس يخوضون فخاض معهم بغير هدف!
ومع غياب الموضوعية والمعلومات الصحيحة والدقيقة والوافية عن عدد الملحدين، ومع عدم وجود دراسات أو استطلاعات رأي حول مدى تأثيرهم في المجتمع والقبول الذي يحظون به، وعن عدد الذين يتبنون الفكر الإلحادي، وكذلك عن مدى تأثير النسوية وعدد الذين يدعمون هذا الفكر، وهل انتشر الاتجاه النسوي بين أوساط النساء في المجتمع، وهل يشكل خطرًا على المدى القصير والبعيد في المجتمع العماني؟ وأيضًا لا نملك إحصاءات عن الخمر وهل توجد أرقام محددة بعدد الذين يدمنون أو يتعاطون الخمر وأعمارهم وجنسياتهم وإلى أي طبقة ينتمون، وما ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، أو عن عدد منافذ بيع الخمور؟!
أما ظاهرة الملابس غير اللائقة فهي منتشرة بشكل لافت للنظر، مثل ارتداء الهاف (الشورت) القصير وبيجامة النوم في الأماكن العامة، روغم ذلك فإنَّ الملتزمين بالزي العماني التقليدي الجميل هم الأكثرية الغالبة، ولو وُجد تنظيم ومواصفات للزي المسموح به خارج المنزل أو مساءلة أو حتى غرامة أو مجرد تنبيه لهؤلاء الذين يخدشون حياء وذوق المجتمع العماني المحافظ، لربما يكون ذلك رادعًا لهم.
وقد أجاب ضحي عن السؤال الذي ورد إليه من خارج الحدود "شو صاير عندكم في عُمان؟"، فقال: "ما صاير شي"، نحن كما كنَّا دائمًا شعب متمسك بدينه وقيمه وأخلاقه وأصالته وعروبته، شعب طيب مسالم متصالح مع ذاته ومع الآخرين هذا ديدن معظم الشعب العماني، إلا أننا لا نعيش مثالية مطلقة وفينا الشين والزين والصالح والطالح مثل كل شعوب الأرض، وإن ظهرت في المجتمع سلوكيات أو أفكار فإن المجتمع سرعان ما يرفضها ويحاربها، فلا تجد البيئة الحاضنة..
اطمئنوا لا خوف على الدين ولا الأخلاق في المجتمع، وضحي متفائل ويبشركم بذلك، ولا داعي لكل هذا الضجيج والصخب والمعارك التي لا ضرورة لها.. فالمجتمع العماني بخير والحمد لله.