الرمال القاتلة

 

حمد بن صالح العلوي

 al3alawi33@gamil.com

إنِّنا لا نألوا جهدًا -حكومتنا الرشيدة- من أعمال جليلة، حتى وصلت سلطنتنا إلى مصاف الدول تقدمًا وازدهارا، وما ذلك إلا بجهد أبنائها المخلصين المحبين.

قارئي العزيز :

بادئ ذي بدء جزيل شكرنا وتقديرنا لكل من وزارة النقل والمواصلات وتقنية المعلومات وشرطة عُمان السلطانية ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه والمديريات والدوائر التابعة لها وكل من دائرة الطرق بمحافظة جنوب الشرقية ودائرة الطرق بمحافظة الوسطى ودوائر التخطيط والدراسات في جميع المحافظات..

 

قارئي العزيز..

فوالله الذي لا إله إلا هو لم يبق لسان ولا مداد قلم؛ بل وكل مُحب لهذا البلد وأهله ومن يعيش على أرضه ويستظل سماءه، ومن يملك قلبا وفؤادا وماجاورها من جوارح إلا ونطق.

لكن لا فائدة تذكر، وأستميحك عذرًا ..إن جانبني الصواب ..لأن في القلب غصة وفي العين دمعة ...

الأقلام تكسرت أسنتها ومدادها جف، والقلوب والأفئدة توقفت أوردتها، والعيون جحظت، والأدمع جفت مآقيها، وما جاورها من جوارح لا يعلم مصيرها إلا أصحابها، وأزيدك من الشعر بيتاً كما يقولون.. بأن عددا من البيوت أغلقت أبوابها وعليها أقفال ثقال، لأنَّ أصحابها رحلوا و...

قارئي العزيز..

ذات مساء، وفي وقت مغيب الشمس،جاءنا الخبر الذي كان وقعه شديدًا، وأن هواتفنا الخلوية ما توقفت عن الرنين.. أنَّه قد وقع حادث.... و..."فلان" في ذمة الله! وزوجته التي كانت بجواره وبناته الأربع معهم في السيارة، لا ندري ما حالهم، فقد أسعفوا جميعًا ...

تضاربت الأقوال مرة يقولون ذهبوا بهم إلى مركز صحي "محوت" ثم جاءنا خبر آخر بأنهم نقلوا إلى مركز صحي "الخويمة" وبعدها بنصف ساعة تقريباً رن الهاتف ثانية.. و..."فلانة"سلمت روحها إلى بارئها...

 

عندئذ أعلنت حالة الطوارئ، وتحرك كل من في البيت، بلا تفكير وإتزان، يلازمه صراخ وعويل ونحيب من كل صوب، الحريم والبنيات الصغيرات وأنا بين رائح وغادٍ، لا أعرف ما أفعل أو كيف أتصرف لكن..هي المقادير تجري في أعنتها.."..فهل أسكت هذه أو أهدئ روع تلك !

وابنتي التي لم يتجاوز عمرها التسع سنوات صرخت صرخة مدوية حتى كادت أن تسقط أرضًا..عندئذ، تم التواصل مع أحد أولادنا الذي كان في مكان عمله أن اترك ما في يدك وتعال سريعًا..هو الآخر لايدري ما الأمر..وماهذه الأوامر،..

نفذ "راشد " ماطلب منه.. بأن يأخذ أمه وخالاته إلى ..بيت العزاء، والذي يقدر بمسافة 57 كم تقريباً، ولست أدري كم سيقطع ابننا"راشد" مع أنني كلمته :بني، كن حذرا،

وامش على مهل "فالطريق الذي ستسلكه فيه انعطافات كثيرة جراء ماحدث في الأيام الماضية، على أثر الأمطار الأخيرة، وأنا بمشيئة الله تعالى، سألحق بكم صباحًا، حتى يهدأ الأمر ونعرف الحكاية بكل تفاصيلها.

قارئي العزيز..

موقع الحادث الأليم، الذي آلمنا جميعًا والذي انتشر خبره سريعًا عبر المنصات الاجتماعية وما أكثر مسمياتها اليوم،..

 

ذاك يُغرد في "تويتر " والآخر في الواتس آب " ..

أن في "رأس الرويس" كثبان رملية مُتحركة كالجبال في الطريق العام، وهو طريق ممتد من "محوت والدقم" في محافظة الوسطى، إلى أن تصل إلى "الأشخرة " الطريق الساحلي مرورا بـ"الخويمة "و"رأس الرويس" في ولاية جعلان بني بو علي محافظة جنوب الشرقية .

هذا الشارع تعلوه الرمال الزاحفة من جنبات الطريق، يمر عليه السياح المسافرون إلى محافظة ظفار "صلالة"،ومحافظة الوسطى.

 الأعمال مستمرة بين الحين والآخر،خصوصا هذا الموسم، فدوائر البلديات الإقليمية تعمل جاهدة في توفير المعدات الخاصة لإزالة الرمال المتحركة ولا ننسى جهود دائرة الطرق بمحافظة جنوب الشرقية ..

 

قارئي العزيز..

ثلاث رسائل ...

الرسالة الأولى..

إلى أهل الاختصاص وأصحاب القرار.. :"أليس فيكم رجل رشيد"؟

هذا الطريق من سنين طويلة، مرّ عليه أقوام كثر، صغيرهم وكبيرهم، ذكرانا وإناثا، شيبا وشبابا، وعلى هذا الطريق زهقت أرواح، نتذكر أنه فيما مضى من السنين، أربعة إخوة أشقاء من بيت واحد كانوا ذاهبين لأداة واجب عزاء، في ولاية "مصيرة"، وفي طريق عودتهم، تفاجأ السائق برمال متحركة على الشارع العام، فلقوا حتفهم في الحال، وغيرهم كثير، لا مجال لذكر مثل هذه القصص والحكايات المأساوية التي تفتح لنا أبواباً وليس بابا واحدا ... فكفانا دمارا، جهارا نهارا، رحمكم الله.

 

الرسالة الثانية..

أوجهها إلى من بين أصبعيه القلم باستطاعته أن يجر سنه فيسيل مداده: أن اتق الله تعالى، واعلم حفظك الله تعالى أن غدا ستمر في هذا الطريق أو يمر أحد من أهلك وعيالك، وستعلم بعدها أن الأمر ليس بهين حينئذ تقول "يااااليت..

 

الرسالة الثالثة..

إلى مرتادي الطريق، رفقاً بأنفسكم وارحموها، واستمعوا إلى الإرشادات والتوجيهات التي تصدر من جهة الاختصاص "شرطة عُمان السلطانية"عبر حساباتهم "تويتير، فيسبوك، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وكونوا على إطلاع دائم على كل مايستجد .

قارئي العزيز..

كل من يقدر نعمة الأمن والأمان والاستقرار وما ذلك إلا بفضل الله تعالى وجهود الأشاوس جنود الوطن الأوفياء، ولابد لنا من التطرق إلى قضية مُهمة يلزم الانتباه لها ألا وهي أين سيارات الإسعاف التابعة" للدفاع المدني والإسعاف" في الطريق الساحلي في جنوب الشرقية والمتجه إلى محافظة ظفار...؟!

وأخبرني شاهد عيان حيث قال :"الأب والأبناء تم إسعافهم مركز صحي الخويمة والأم مركز محوت تم نقلهم من قبل أهلهم بسياراتهم الخاصة وذلك بسبب تعذر وصول سيارة الإسعاف،أما البنات فقد تمَّ نقلهن كذلك في سيارات أهلهن الخاصة إلى مستشفى جعلان بني بوعلي..!

فقد رحل من رحل، نسأل الله تعالى غفران الذنوب ورحمنا الله تعالى وإياهم، وبقي من بقي على هذه البسيطة سائلين الله تعالى لهم العيش الكريم والهداية والرشاد، حفظنا الله وإياكم وألهمنا طريق الصلاح.