معارك المواطن بين الماء والكهرباء

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

يفترض أن تهدف كل الخدمات التي تُقدمها الدولة إلى رفاهية المُواطن وتحقيق التنمية للوطن، ويفترض أن تزيد كل خدمة من رصيد المواطن، وتعمل على استقراره، وتحفيزه لأداء رسالته الوطنية بكل سلام، غير أنَّ ما يحدث لدينا يدعو للتساؤل والتوقف معه.. فكل خدمة حكومية- إلا ما رحم ربي- عليها علامات استفهام كثيرة، وتحتاج لحلول آنية لا لتبريرات من المسؤولين.

(1)

فواتير الكهرباء هذا الشهر ساخنة كحرارة الصيف، تلسع المواطن في جيبه المثقوب أصلاً..فتأتي تصريحات مستفزة من بعض المسؤولين بأن القراءات صحيحة، هكذا بالمطلق، وتأتي تطمينات خجولة من الجهة المشرفة على الكهرباء بأنَّ الأمور تحت السيطرة.

ولا يزال الأمر مُعلّقا بين فواتير تقديرية تحتسب فواتير السنة الماضية لنفس الفترة، وتصر على أن المواطن لا تتغير توجهاته، أو استهلاكه في كل مراحل حياته، وكأن الشركة تقوم بدراسة سلوكيات المواطن، وأن الأمر لا يتعلق بقطع جزء كبير من لقمة عيشه، ومصروفات أسرته التي باتت عبئاً كبيرًا على كاهله!!

وأظن أنَّ القراءات الجزافية أو التقديرية ستستمر إذا لم تتدخل الجهات المسؤولة عن قطاع الكهرباء.

(2)

يدخل الماء إلى بيتك وتعتقد أن الأمور أصبحت أفضل، وأن قطرة الماء باتت متوفرة، وأنك استغنيت أخيرا عن ناقلات المياه، فتأتي فاتورة الشهر الأول بأكثر من سبعمائة ريال، فتنهار حتى تكتشف أن تلك القيمة هي مبلغ التوصيلات التي عليك دفعها بأقساط مريحة على مدى سبعين شهراً القادمة، على اعتبار أن ذلك تسهيلات أو منّة تقدمها الشركة.

وتأتيك الفواتير التالية بضرائب لا تفهم حساباتها، ومبالغ لا تعرف سبب وجودها، فتدفع دون سؤال، لأنَّ السؤال يفتح عليك ألف إجابة لا تغنيك من الدفع.

(3)

تحاول الاتصال بمركز الاتصال في الشركات التي تقدم خدمتيّ الماء والكهرباء لتقديم شكوى أو للاستفسار عن أمر ما، فلا تجد إلا الرد الآلي، الذي لا يتعب من تكرار جملته "مكالمتك تهمنا، جميع موظفينا مشغولون حاليا، عليك الانتظار"، فتنتظر وتنتظر إلى ما لا نهاية، ولا رد، ولا اهتمام، حتى تفقد أعصابك فتغلق الهاتف، وتعاود الاتصال في اليوم التالي، والثالث والرابع، وفي كل مرة "الموظفون مشغولون بمكالمات أخرى".

(4)

تلجأ إلى الحل الأخير، وهو المواقع الإلكترونية للشركتين، وترسل شكواك أو طلبك، وتنتظر، إلى أن يمل منك الصبر.. فتفقد ثقتك في الخدمات الإلكترونية، ومركز الاتصالات، ولا تجد "بشريًا" يحل مشكلتك إلا بعد أن تدخل كل مراحل اختبارات الأعصاب.

ثم يأتيك الجواب من الموظف إما ليحل مشكلة هم من تسبّبوا فيها أصلا، وأنت من عليك الجري وراء حلها، وإما أن يكون الرد صادماً، وأن القراءات صحيحة، وأن كل شيء على ما يرام..فتنهار كما أوَّل مرة، وتدفع صاغرًا.

(5)

ليس من المعقول أو المنطق أن ترتكب شركات الماء والكهرباء أخطاء فنية وتقنية، ثم يُطلب من المواطن الجري وراءها لحلها!!