تجربة فريدة نتمنى ألا تكرر

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

العيد هو فرحة وبهجة واجتماع ولقاء وتهانٍ وتبادل الهدايا ولبس الجديد وذبح الأضاحي والتمتع بالشواء وأطايب الطعام وزيارة الأقارب والأرحام.

وبحسب "ويكيبيديا" فإنَّ كلمة عيد في الُّلغة العَربيّة تعني (عود) حُذِفَ حرفُ الواو وحلَّ محِلَّهُ (الياء) فأصبح عيد ويعني العودة إلى يوم انتهاء محنة أو بلاء أو إنجاز مهم، ويأتي العيد كمكافأة للصبر والتعب الذي تمَّ بذله، والأعياد ليست محتكرة فقط في المناسبات الدينية، فهناك أعياد وطنية وسياسية. كما عرّف البعض العيد بأنه يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: سمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح متجدد، وعيد الفطر سُمي كذلك لأنَّ المسلمين يفطرون فيه بعد صيام شهر رمضان.

هذا هو التعبير الذي فسره البعض لمعنى العيد، إلا أن عيدنا هذا العام يختلف تماماً عن هذا المفهوم. لكن جائحة كورونا قلبت المفاهيم، وغيرت المسارات وأجهضت جميع الخطط، وقوضت كل الأحلام والأماني، فحولت الأفراح إلى أتراح، وحولت التقارب إلى تباعد، فحرمتنا من كل شيء جميل: إقامة الأفراح والسفر والسياحة، وصلة الأرحام، وصلاة الجمعة، وصلاة الجماعة في المساجد، والمصافحة.

فعيدنا هذا العام قضيناه في البيوت من أجل سلامتنا وسلامة أحبتنا وكل شيء فقدناه في هذا العيد سيعوض بإذن الله إلا فقد الأحبة، فمن يرحل منهم لن يعود أبداً، فكم من الأحبة قد رحلوا، وقد ذرفنا الدموع دماء لحرقة الفقد، ولم يعد يوجد بيت إلا وقد شيع جنازة أو أكثر، والغريب العجيب أن هناك من يعترض ويتذمر من قرار اللجنة العليا بالحظر التام خلال أيام عيد الأضحى المبارك الأربعة. وهنا أود أن أذكر من يتذمر من هذا القرار بأنك ستقضي العيد بجوار زوجتك وأولادك، أو بين والداك وإخوتك وأنتم في أسعد حال لا ينقصكم سوى الخروج إلى الشارع أو السوق أو المزرعة، في المُقابل هناك من يقضي هذه الأيام الأربعة في ألم وحزن لفقد عزيز، زوج أو زوجة، أو أب أو أم أو أخ أو أخت أو ابن إلى آخر القائمة من الأرحام، ولنشكر الله عزَّ وجلَّ أن جعل حزننا في عدم الخروج إلى الشارع أو إلى الأسواق والمولات، ولم يجعله حزناً لوفاة عزيز كما أسلفت.

جائحة كورونا رسالة سماوية لتذكرنا بجبروت الله وعظمته، ونعرف حجمنا الطبيعي الذي لم نستطع من خلاله أن نصمد أمام فيروس دقيق لا يرى بالعين المجردة، ونقف عاجزين عن مقاومته، وكان الأحرى بنا أن نتقرب إلى الله تعالى وأن ندعوه مخلصين في الدعاء بأن يرفع عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين هذا الوباء وأن تعود الحياة إلى سابق عهدها، وأن نسأله الرحمة والمغفرة لموتانا وموتى المسلمين، إنه سميع مجيب الدعاء.

وهناك في تويتر تلك الساحة التي أعتبرها الاتجاه المعاكس لكثرة التناقضات في الرؤى والأفكار، حيث يلتقي المؤيد والمعارض لهذه القرارات التي تصب في مصلحة وسلامة المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة.

ففي قرار اللجة العليا حول الغلق التام جوانب قد استغلها البعض، وقد تؤدي إلى عكس الغرض المرجو منه. فقد نشرت تغريدة عبر تويتر بتاريخ 19 يوليو 2021 تطرقت فيها إلى هذا الأمر فقلت: ‏"بسبب الإغلاق التام التأم شمل كثير من الأسر من جديد. فقد كانت الأعياد السابقة تجتمع الأسر التي تفرعت من البيت الواحد لتلتقي في المناسبات الصباحية وتعود إلى بيوتها مساء للمنام، أما في ظل الإغلاق التام فقد تجمعت الأسر وأصبح مقيلها ومبيتها في البيت الكبير".

ودعوت الله تعالى أن يحفظ الجميع لأن الاختلاط سيكون أشد ومدته أطول من ذي قبل، فهناك بالفعل أسر اتخذت القرار قبل بدء سريان الغلق بالتجمع في منزل الأسرة الكبير، سواءً كان كبيراً بالفعل، أو كان صغيراً، فمفهوم البيت الكبير أنه بيت الأسرة الأول الذي يضم الأب والأم.

في ذات الوقت هناك أسر أدركت خطورة الوضع، وأن قرار اللجنة لم يأتِ من فراغ، فاتخذت القرار بأن تعيّد كل أسرة في بيتها كي لا يحدث ما لا يحمد عقباه، وأعتقد جازماً أن غالبية من قام بهذا الإجراء هي الأسر التي جربت الفقد جراء هذه الجائحة.

نسأل الله تعالى أن يرفع عنَّا هذا الوباء، وأن تعود الحياة إلى طبيعتها، وألا نضطر إلى إغلاق تام مرة أخرى بإذن الله.