علي بن بدر البوسعيدي
شهدت العلاقات العُمانية السعودية دفعة قوية بعد الزيارة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى المملكة تلبية للدعوة الكريمة التي تلقاها جلالته من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ حيث عُقدت مباحثات قمة ثنائية تمخض عنها التوقيع على مذكرة التفاهم لإنشاء مجلس التنسيق العُماني السعودي المشترك.
الواضح أنَّ هذا المجلس سيكون حلقة الوصل بين قيادتي البلدين والأطراف الفاعلة في مختلف المجالات، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية واللوجستية وغيرها، وسيتولى هذا المجلس التوقيع على اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم المرتقبة بين البلدين، فيما يمكن اعتباره تطورًا نوعيًا في مستوى العلاقات الثنائية، خاصة بعد صدور البيان العماني السعودي المشترك في ختام زيارة جلالته- أيده الله- للمملكة الشقيقة؛ حيث تضمن البيان جملة من النقاط التي يجب الوقوف عندها جيدًا لاستشراف مستقبل العلاقات الثنائية وما ترتكز عليه من أواصر التعاون القوية.
الزيارة كانت محط أنظار الجميع، في الداخل والخارج، وتابعها الجميع عن كثب، وكلنا نعلم جيدًا كيف كان كل مواطن على هذه الأرض الطيبة، يتابع بشغف مجريات الزيارة حتى ساعات متأخرة من الليل. واللافت للنظر في هذه الزيارة أنها لم تتوقف فقط عند عقد لقاء القمة بين جلالة السلطان وأخيه الملك سلمان؛ بل عقد مجموعة من الوزراء بالوفد المرافق لجلالته، سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين السعوديين؛ حيث جرى الاتفاق على طبيعة المرحلة المقبلة، والتأكيد على أهمية تسريع وتيرة التعاون لإنجاز مختلف المشاريع، فضلاً عن التأكيد على الأهمية التي يمثلها الطريق البري المباشر الرابط بين البلدين، حيث إن هذا المنفذ الحدودي سيحقق التكامل في سلاسل الإمداد، بما يساعد الطرفين على الوصول إلى تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود.
الواقع يشير بقوة إلى أن آفاق أرحب بانتظار البلدين، خاصة فيما يتعلق بمجالات الاستثمار في قطاعات واعدة وثرية، إلى جانب المبادرات المشتركة للاستثمار في الدقم ومجالات الطاقة والأمن الغذائي والبيئة في ضوء مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقتها المملكة الشقيقة، والاقتصاد الدائري، علاوة على التعاون المرتقب في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية، والتعاون البناء لدعم استقرار أسواق النفط في إطار جهود المملكة داخل تحالف "أوبك بلس" بما يضمن توازن الأسواق البترولية. ومن المبشر كذلك في تطور العلاقات أنه يجري التباحث حول فرص الاستثمار المتبادل في التقنيات المتطورة والابتكار والصناعات الدوائية والصناعات التحويلية وسلاسل الإمداد والشراكة اللوجستية.
وفي الختام.. نقول إن العلاقات العمانية السعودية ماضية في طريقها نحو آفاق جديدة تعكس تطلعات قيادتي البلدين الشقيقين، وتلبي طموحات وأمنيات مواطني الدولتين، بما يساعد على تحقيق الرخاء والنماء.