قطار المنايا يقترب رويدًا رويدًا

طالب المقبالي

صديق آخر يرحل عن دنيانا الفانية ويُذكرنا فقد الأحبة اليومي، إنِّه الصديق والأخ العزيز خلفان بن سليمان بن محمد الرمحي، الذي ودعنا صباح هذا اليوم بعد صحبة طيبة عشناها معاً، وزمالة عمل طويلة جمعتنا، وأسفار مشتركة.

هذا الفقد يذكرنا فقد الأحبة اليومي المتتابع الذي لا يتوقف، فقطار المنايا يقترب رويداً رويدا من الجميع، فإن نجوت اليوم فلا تأمن أن تنجو في الغد، وعلينا الأخذ بالأسباب.

جائحة كورونا كوفيد19 تخطف منِّا كل يوم عزيز، ‏فلا نملك إلا أن نقول رحم الله موتانا وموتى المُسلمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

قبل عام من الآن كان معظم من رحلوا من أقاربنا وأحبتنا من كبار السن، وكنَّا نقول الحمد لله رب العالمين قد أخذ نصيبه من الدنيا، فإن لم يرحل بسبب كورونا فسيرحل لكبر سنه، وهذا أمر طبيعي ومسلم به. إلا أنَّ الوضع قد أخذ منحنى آخر، فالإصابات والوفيات مُعظمها هذه الأيام من صغار السن وحتى الأطفال والرضع لم يسلموا من شر هذا الوباء.

كنَّا نجابه كورونا لوحدها واليوم نجابه متحوراتها الخطيرة، دلتا ودلتا بلس وإبسيلون ولامدا وهما الأشد فتكاً بالبشر. وهذه المتحورات قدمت إلينا من الخارج حالها كحال كورونا الأصل الذي وصل إلينا عبر القادمين من دول مُختلفة من العالم. وما زلت أتذكر وكأنَّه اليوم البيانات التي تصدرها وزارة الصحة مشكورة مع بدء الجائحة، كهذا البيان: "وزارة الصحة تؤكد عدم تسجيل أي حالة إصابة بفيروس كورونا في السلطنة"، وكان هذا البيان بتاريخ 24 يناير 2020، وكنَّا نحمد الله تعالى أن بلادنا خالية من الإصابة بهذا الوباء، وتمضي الأيام والأكف مرفوعة إلى الله تعالى بالتضرع والدعاء بأن يجنب بلادنا هذا الوباء، ولكن إذا قدَّر الله أمراً فلا بد أن يكون، وكلنا راضون بقضاء الله وقدره، فيأتي اليوم الذي خشيناه جميعاً.

بتاريخ 24 فبراير 2020 وبعد شهر من الإعلان عن خلو البلاد من هذا الوباء يأتي اليوم الذي تسجل فيه السلطنة أول إصابتين مؤكدتين بهذا الوباء الخطير.

فقد طالعتنا وسائل الإعلام أن وزارة الصحة تؤكد تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس كورونا الجديد في البلاد.

وأن المواطنتين المصابتين قدمتا من إيران، وهما في حالة مستقرة وتخضعان للحجر الصحي في المنزل.

هذا البيان أثار الرعب في البلاد، وأصبح الكل يتابع الأخبار الرسمية والإعلانات اليومية التي تصدرها وزارة الصحة، والتي تتبعها دوماً بالتنبيه حول ضرورة الوقاية بغسل اليدين بالماء والصابون وعدم لمس العينين والأنف والفم، ثم تطورت التعليمات وأسباب الوقاية وفقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية والتي ثحث على التباعد الجسدي ولبس الكمامات والقفازات وعدم الاختلاط بالمصابين وغير ذلك من التعليمات.

ومع استمرار ارتفاع أعداد الحالات كان الخوف من سماع الأخبار عن وفيات داخل السلطنة، فقد كانت وزارة الصحة تعلن بين حين وآخر عن ارتفاع أعداد المصابين، إلا أنها لم تسجل أية حالة وفاة، وكنا نحمد الله على ذلك.

لكن ذلك لن يدم طويلاً، ففي يوم الثلاثاء 31 مارس 2020 أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل أول حالة وفاة في البلاد، بسبب الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) لمواطن يبلغ من العمر 72 عاماً .

وقد توالى سماع الأنباء المزعجة عن ارتفاع الإصابات والوفيات في السلطنة ، إلى أن بلغت ذروتها في شهر يونيو الماضي .

نسأل الله تعالى رفع هذا الوباء، وأن يشفي المرضى ويرحم الموتى إنه سميع مجيب الدعاء.