عيسى الغساني
التكامل التشريعي يعرفه العاملون في حقل القانون، بأنه التكامل العضوي لكل القوانين من حيث الموضوع والغايات بحيث تعمل القوانين بشكل متناغم ومتناسق وتكمل بعضها البعض لتحقيق الغايات والأهداف العليا للمصلحة العامة.
ويقتضي تكامل القوانين من مرحلة ولادة فكرة القانون إلى لحظة إصداره ومن ثم تطبيقه الالتزام بمنظومة صناعة القرار التشريعي عبر نظام قانوني محكم وواضح المعالم يحدد النظام الإجرائي والضوابط الموضوعية؛ إذ يُجيب النظام الإجرائي والضوابط الموضوعية لإصدار القوانين والتشريعات على عدة أسئلة منها: من الجهة التي تعد مشروع القانون؟ ما نظام إعداد مشروع القانون؟ أي من يقوم بإعداد المسودة الأولية؟ ما الجهات المطبقة للقانون وما دورها في التشريع؟ ما الجهات أو الأفراد المعد القانون لخدمتهم؟ ومن يمثلهم؟ وما دورهم في مراجعة القانون؟ وما المصلحة العامة والغاية من إصدار القانون؟ ما مُؤشرات قياسها؟ وماذا لو لم يُحقق القانون أهدافه؟ وما طرق إصلاح وتعديل القانون؟ ما أضرار وسلبيات عدم استجابة القانون للمصلحة المتوخاة؟ وما الإطار الزمني لإعادة القانون إلى السياق الطبيعي؟
ما سبق من أطروحات ومؤشرات تقتضي وجود نظام قانوني، يحدد سير إجراءات التشريع إلى حين صدوره، ومن ثم متابعة تطبيقه، وطرق التعديل والإصلاح والتغيير، وأخيرا إلغاء القانون واستبداله إذا ثبت عدم الصلاحية للقانون. وصدور كل القوانين واللوائح بمقتضى قانون وبموجب نظام إجرائي وموضوعي يستجيب لغايات ومصالح شتى؛ منها: أولا: ضمان التكامل التشريعي بين كل ما تشمله المنظومة القانونية من قوانين وتشريعات. وثانياً: قلة ظهور النصوص المتناقضة والمتنافرة وعلاجها في الوقت المناسب. وثالثا: توحيد تفسير النصوص، ويؤدي ذلك إلى وحدة التطبيق. ورابعًا: تطبيق مؤشرات فاعلية القانون وتعديل المواد المعيبة والمحافظة على فكرة تكامل القانون.
ومن ناحية أخرى يقتضي بناء فكرة ومنظومة قانون إجرائي وموضوعي لسن القوانين عدة أسس منها: 1) ضرورة وجود القانون وأن تتم صياغته بمنهج علمي وفقًا لأصول بناء الدراسات الاجتماعية ومنهج صناعة وبناء القرارات. 2) أن يوكل إعداده لفريق عمل يضم كل الخبراء والأكاديميين ذوي المعرفة بالعلوم الاجتماعية والاقتصادية. 3) الاسترشاد بالدراسات العملية والأكاديمية في مجال فاعلية القوانين ومنهج التحديث.
تشير كل الدراسات القانونية إلى المرحلة الأهم والأدق، وهي مرحلة إعداد القانون؛ إذ القراءة الواعية والسليمة للوضع الاجتماعي وعناصر إحداث النجاح التشريعي، تشكل ما يزيد على 70 في المئة من فرص نجاح التشريع، أما الـ30 في المئة الأخرى فهي عناصر مشتركة بين ظروف غير متوقعة وقصور في القدرة على فهم الواقع. ويتضح مدى استجابة القانون للآمال عند صدوره وتطبيقه وقياس مدى فاعلية ونجاح القانون بتحقيق الغايات والأهداف المؤطرة بمؤشرات قياس كمية تُعطي مدى صلاحية أو عدم صلاحية والطريق الأمثل للتصحيح.
ولعله من نافلة القول إن التشريعات والقوانين التي تحقق غاياتها وأهدافها، تعد عنصراً فاعلاً في ضبط وإيقاع السلوك الاجتماعي، وتبني فكرة الإيمان بأهمية القانون وضرورة ووجوب احترامه، وهذه القاعدة تشير إلى أهمية نشأة وصدور القانون في سياق القبول والمساندة العلمية والعملية.