علي بن بدر البوسعيدي
حافظت السلطنة على سياسة خارجية راسخة الأركان، ترتكز في جوهرها على الثوابت الوطنية وبناء علاقات قوية ومتينة مع مختلف الدول بهدف تعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات، وفي القلب من هذه السياسة ترسخت أيضًا علاقات السلطنة مع دول الجوار الخليجي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الشقيقة، بفضل ما يجمع البلدين من علاقات قوية وأواصر محبة وإخاء.
وعلى مدى عقود، ظلت العلاقات العمانية السعودية، مضرب المثل في التوازن والتعاون البنّاء، بما يخدم تطلعات قيادتي البلدين وطموحات الشعبين الشقيقين، وتستقبل السلطنة سنويا الآلاف من الزوار السعوديين القادمين إلى عمان رغبة في الاستمتاع بالأجواء الساحرة في مختلف المحافظات، لا سيما في ظفار، خلال موسم الخريف. والحال كذلك بالنسبة للإخوة المستثمرين، الذين عادة ما يأتون إلى السلطنة بحثاً عن الفرص الاستثمارية الواعدة وحرصًا على الاستفادة من المميزات الاستثمارية التي توفرها السلطنة للاستثمارات الأجنبية، والخليجية على وجه الخصوص.
الأرقام والإحصاءات تكشف إلى أي مدى تعمقت العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لكن من المؤكد أن الطرفين يبحثان عن تعزيز هذه العلاقات، والارتقاء بمستوى العلاقات إلى آفاق أرحب ومستقبل أكثر ازدهارا. وخلال الأيام الماضية زارت وفود عمانية المملكة العربية السعودية، في إطار الخطط الرامية لمناقشة الاستثمارات المشتركة، وتبادل الخبرات في عدد من المجالات. وكلنا شاهدنا وقرأنا عن الحفاوة التي حظي بها المسؤولون العمانيون في المملكة، سواء الوفد الذي ترأسه معالي الدكتور خلفان الشعيلي وزير الإسكان والتخطيط العمراني، أو الوفد الذي ترأسته سعادة أصيلة الصمصامية وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار.
المُبشر في هذه الزيارات أنها تفتح الآفاق أمام تعاون اقتصادي واستثماري واعد للغاية، خاصة في إطار الجهود الحثيثة التي تستهدف تنفيذ المشاريع ذات الصلة بالرؤية المستقبلة "عُمان 2040" وأيضًا المشاريع المتميزة التي تتضمنها رؤية "المملكة 2030"، ولا شك أن التقاء هاتين الرؤيتين في محاور ومشاريع مشتركة، من شأنه أن يحقق طفرة غير مسبوقة في مستوى إنجاز المشاريع.
المطلوب الآن أن نتوسع في هكذا تعاون؛ لأنه بكل تأكيد يعود بالنفع على كلا البلدين، وقد رأينا مدى الترحيب بالفرص الاستثمارية التي عرضتها السلطنة على المملكة؛ حيث جرى عرض 150 فرصة استثمارية بقيمة إجمالية تصل إلى 1.5 مليار ريال عماني، في قطاعات نعول عليها كثيراً في تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود، مثل قطاعات التطوير العقاري والصناعة والسياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات.
إننا نستبشر للغاية بكل جهد يعزز من علاقاتنا مع الدول، لا سيما إذا كانت الدول تجمعنا بها علاقات جوار ونسب وصهر ووشائج قربى، فضلاً عن وحدة الهدف والمصير.. وفق الله قيادتي البلدين لكل ما فيه خير الشعبين الشقيقين.