عام دراسي مضى

 

سالم بن نجيم البادي

"نعم أستاذ/ أستاذة أنا حاضر / حاضرة

الصوت ينقطع. المايك ما يشتغل انقطع النت أستاذ / أستاذة ما واضح

عادي أروح آكل مع السلامة أستاذ / أستاذة"

هذه أصوات الطلاب يتردد صداها في البيوت خلال عام الدراسة عن بُعد عام التحدي والأمل أصوات ملائكية ممزوجة بالبراءة والطفولة والتحدي والعزيمة والإصرار والعقبات كانت كثيرة وكبيرة وأولها ضعف الإنترنت، لكن العزيمة لدى الأهالي والمعلمين والمعلمات وإدارات المدارس والمديريات العامة للتربية والتعليم ووزارة التربية والتعليم كانت أكبر. لكنني لن أركز على هذه التحديات وقد ذكرت كثيراً وهي معروفة عند الجميع.. اليوم أرغب في الإشادة وإظهار الجهود الخارقة التي بذلها المعلمون والمعلمات في هذا العام الدراسي بعد أن استفزتني رسالة قرأتها في مجموعة واتساب تكيل التهم الباطلة لهم تقول الرسالة: "المشكلة في أنه كثير من المُعلمين العمانيين يتسمون بعدم المُبالاة وهمهم يخلصوا دوامهم وبس، طبعاً ما أعمم بس للأسف نسبة كبيرة". والنقد المُستمر في حقهم ولن أدافع عن جميع المعلمين والمعلمات حتى أكون منصفاً وحتى لا أتهم بالانحياز كوني في ميدان التربية والتعليم يُصيبني ما يُصيبهم من مدح وذم المعلمين والمعلمات بشر يخطئون ويصيبون وفيهم المجتهد وفيهم الكسول وفيهم المُبدع في عمله وفيهم التقليدي الذي لايُحاول تطوير آدائه ويرفض الإنماء المهني ويحارب التغيير والتطوير ومنهم من لا يُؤدي عمله إلا مادمت عليه قائماً، لكنني أشهد أنَّ الغالبية العظمى منهم يقومون بعملهم على أكمل وجه بل وزيادة، ويهتمون بالطلاب وكأنهم أولادهم الذين من أصلابهم وهم يرون أنَّ الطلاب أمانة بين أيديهم.

وفي هذا العام قام المعلمون والمعلمات بما هو فوق طاقتهم وتحملوا حتى الأعباء المالية ودفعوا من حر أموالهم من أجل الإنترنت والتواصل اليومي مع الأهالي والطلاب عبر هواتف المعلمين الخاصة من أجل الدخول إلى المنصة التعليمية والمنظرة والبوابة التعليمية في الوقت الذي كان يجب أن تتوفر فيه شبكة الإنترنت في كل مكان. وسوف أتكلم من واقع تجربة عايشتها في مدرسة الوقبة للتعليم الأساسي في ولاية ينقل حيث يدرس أربعة من أطفالي وأسجل شكري وشكر كل الأهالي لجميع المعلمات وإدارة المدرسة وحتى العاملات وحراس المدرسة، ولا أدري كيف أنتقي كلمات الشكر والتقدير التي تفي المعلمات حقهن بداية من محاولاتهن المستميتة التغلب على مشكلة عدم توفر الإنترنت أو انقطاعه المتكرر وتنفيذ الحصص المتزامنة عن بعد في الليل أو النهار أو وقت القيلولة في بيوتهن أو في المدرسة حسب توفر الإنترنت برغم أشغال البيت والأولاد ومتابعة الواجب مُتابعة دقيقة ومستمرة وتسجيل مقاطع الفيديو وتنفيذ الاختبارات والصبر على الأهالي والأمهات وبعض الأهالي لا يعجبهم العجب ولا شيء يرضيهم.

ويجب الإشادة بذلك التعامل التربوي الراقي والعطف والحنان والصبر الجميل الذي تبديه المعلمات تجاه الطلاب أثناء تنفيذ الحصص عن بعد.

وقد ختمت المعلمات العام الدراسي بلمسات إنسانية حانية حين قمن بتوزيع الهدايا على الطلاب المجيدين ومن تخرجوا في الحلقة الأولى وسوف يذهبون إلى مدرسة الذكور ومنهن من تركن الهدايا في محلات الهدايا وطلبن من أصحاب المحل الاتصال بالطلاب المكرمين وهذه مُفاجأة للطالب لها أثر بالغ في نفوس الطلاب وذويهم، وبعضهن ذهبن إلى بيوت الطلاب لتسليم الهدايا لهم.

وما لا نعرفه عن أنواع الاهتمام والرعاية ومساعدة الطلاب وحل المشاكل داخل وخارج المدرسة ومد يد العون للطلاب المعسرين لربما هو أكثر مما نعرف.

شكراً معلمات وإداريات مدرسة الوقبة للتعليم الأساسي وجزاكن الله خير الجزاء وبارك في أعماركن وعيالكن، وكشاهد عيان أتحدث عن مدرسة جعفر الطيار المجاورة لمدرسة الوقبة، وعن الجهود الجبارة التي بذلها المعلمون من أجل أن تمر السنة الدراسية الاستثنائية على خير.

ويحضرني مشهد المُعلم الزميل الوافد وفي بداية العام الدراسي الذي أتى مسرعاً من مقر سكنه لأنَّ شبكة الإنترنت انقطعت أو ضعفت جاء إلى المدرسة لكنه وجد الشبكة أشد ضعفاً. ثم خرج مهرولا إلى بيت أحد الزملاء لتنفيذ الحصة المُتزامنة.

وهذه القصة تتكرر مع غيره من المعلمين التردد بين البيت والمدرسة للبحث عن الشبكة، وعند تنفيذ الحصص المتزامنة يتم حصر الطلاب الذين لم يحضروا الحصة ويتم التواصل معهم ومع الأهالي حتى تتم معرفة أسباب عدم الدخول إلى المنصة وفي أغلب الأحيان تحل المشكلة ربما بحضور الطالب إلى المدرسة أو إيصال المادة العلمية إليه بطرق أخرى وأحيانا يتم الذهاب إلى منزل الطالب لمساعدته في حل الصعوبات المتعلقة بالدراسة عن بعد.

والطلاب الذين لايستطيعون إنجاز الواجبات عبر المنصة يحضرون إلى المدرسة لعمل الواجب وتسليمه وهؤلاء يتاح لهم الوقت الكافي لعمل الواجب المطلوب منهم، وقد تم تكوين فريق دعم من المعلمين لمساعدة الأهالي والطلاب الذين يجدون صعوبة في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية وذلك بالحضور إلى المدرسة مع التقيد بالإجراءات الاحترازية المتبعة في ظل تفشي وباء كورونا.

ويتم التواصل المستمر مع الطلاب والأهالي حتى خارج أوقات الدوام الرسمي عبر مجموعات الواتساب التي جمع فيها كل أولياء أمور الطلاب المدرسة أو التواصل المباشر مع الطلاب وآبائهم.

وتم استقبال الطلاب من إحدى القرى التي لا يوجد بها إنترنت داخل المدرسة للاستفادة من شبكة الإنترنت في المدرسة، والطلاب من أسر الضمان الاجتماعي ومن تبين أنهم لا يستطيعون دفع ثمن خدمات الإنترنت خصص لهم مبالغ من المال تدفع لهم كل شهر وذلك بالتعاون بين المعلمين وفاعل خير. لا يتسع المجال هنا لتعداد كل الجهود التي تبذل وبعض الأعمال الخيرية والإنسانية طلب مني عدم ذكرها لتبقى خالصة لوجه لله..

شكرًا لكل المُعلمين في مدرسة جعفر الطيار للتعليم للأساسي وأجركم على الله..

وأتكلم عن مدرسة جعفر الطيار ومدرسة الوقبة في ولاية ينقل كمثال عايشته عن قرب وأنا أعلم أن كل المعلمين في مدارس عُمان يفعلون مثلهم وأكثر وكل المدارس تقوم بواجبها وزيادة، والشكر موصول إلى كل معلم ومعلمة في عماننا الغالية ولايضرهم النقد ولا الكلام الباطل وهم ورثة الأنبياء والأنبياء والرسل لم يسلموا من الإساءة وقد رأيت فيما يرى النائم وأنا بين اليقظة والنوم أن رسالة شكر رقيقة ولطيفة تفيض بعبارات الشكر والتقدير والامتنان وصلت إلى كل معلم ومعلمة. في عمان بمناسبة العام الدراسي الاستثنائي الشاق وقد ذيلت الرسالة بالعبارات التالية.

وتقديراً لجهودك في هذا العام الاستثنائي سوف تصلك علاوة استثنائية مُتمنين لك إجازة سعيدة كما نعدكم بتوفير خدمة الإنترنت فائق السرعة قبل بداية العام الدراسي القادم. غير أنني استيقظت من النوم ووجدت أحدهم فوق رأسي يقول لي هذا واجبهم، المُعلمون لا يحتاجون لا شكر ولاعلاوة وشبكة الإنترنت زينة نظرت إليه مندهشًا ولم أقل شيئاً!!