هل يخدم التوظيف مراقبة الغذاء؟

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

humaid.fadhil@yahoo.com

 

نظراً لأهمية الموضوع أناشد عبر هذا المقال مجلس الوزراء المُوقر، الجهة الرسمية المعنية بمتابعة توظيف أفراد المجتمع في مختلف مؤسسات الدولة، وذلك تنفيذاً للتوجيهات السامية بتوفير أكثر من 32 ألف فرصة عمل، حيث أناشد المجلس الموقر بتوظيف عدد يتناسب مع عملية الرقابة الغذائية للحفاظ على صحة أفراد المجتمع، من خلال توظيف أكبر عدد من الشباب المتخصصين في الرقابة على الغذاء.

ومع احترامي وتقديري لجميع الوظائف الأخرى، إلا أنني أود التأكيد على أهمية هذا التوظيف لما يُمثله من ركيزة وطنية للمحافظة على الوضع الصحي المتعلق بصحة وسلامة أفراد الوسط الاجتماعي، وذلك لوجود مخالفات صحية متكررة وفيها عدم اللامبالاة بصحة الإنسان، تقوم بها بعض المؤسسات المختصة بصناعة وتجهيز الغذاء الذي يقدم للمستهلك، كالمقاهي والمطاعم والمخابز ومصانع تعبئة المياه، وكذلك المحلات والمراكز التجارية التي تقوم ببيع وتخزين المواد الغذائية المتنوعة، ولأهمية هذا الموضوع كانت المناشدة الأولى بتاريخ 2/ 11/ 2017 عبر صفحات جريدة عُمان، أتبعتها بمناشدة ثانية بتاريخ 5/ 10/ 2020 نشرتها جريدة الرؤية، ثم مناشدة ثالثة في أواخر شهر أكتوبر 2020 عبر حوار في إذاعة "هلا إف إم"، وها أنا أتقدم بالمُناشدة الرابعة عبر مقال اليوم، للتأكيد على أهمية دعم المؤسسات المعنية بمتابعة الغذاء بكادر وظيفي يستطيع متابعة سلامة الغذاء الذي يقدم لأفراد المجتمع.

الحقيقة أن الإخوة والأخوات المختصين بمراقبة الغذاء والتفتيش الغذائي في هيئة حماية المستهلك وإدارات البلديات ووزارة الصحة، يعانون من التزايد المُستمر في أعداد المؤسسات التجارية؛ وبالتالي ازدياد حجم المسؤولية الرقابية على هذه المؤسسات، إضافة لأهمية الرقابة على الأغذية المصدرة والمستوردة، وتحليل المواد الغذائية الموجودة في الأسواق للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك ومطابقتها للمواصفات المعتمدة، في حين أن عدد الموظفين المختصين في مجال التفتيش والرقابة ثابت، وبالتالي لا يوجد توازن بين عدد الموظفين وعدد المنشآت التي تقع على عاتق كل موظف، ناهيك عن الأعمال المكتبية والإدارية المكلفين بتنفيذها مع مهام عملهم الأصلي الخاص بالرقابة الغذائية. لذلك وللأسف الشديد بعض المؤسسات التجارية تستغل هذا النقص في الشروع بارتكاب مخالفات صحية جسيمة، فكم من مرة تابعنا عمليات ضبط مواد غذائية ودوائية مُنتهية الصلاحية، وكذلك وجود أيادٍ عاملة لا تلتزم بالاشتراطات الصحية؛ حيث تعمل في بيئة قذرة وغير ملتزمة بالنظافة الشخصية، كما سجلت حالات ضبط عمليات بيع لحوم حيوانات مريضة وأخرى تقوم بتجميع الحيوانات الميتة لعرضها للمستهلك على أنها لحوم طازجة، كذلك وجود مواد غذائية في مخازن لا تتوافر فيها أدنى الاشتراطات الصحية الهامة كالنظافة والتهوية اللازمة وسعة التخزين المشروطة، كذلك كثيرة هي مخالفات الإغلاق بالشمع الأحمر لبعض المقاهي والمطاعم والمخابز التي تقدم الطعام الملوث، وآخرها ضبط هيئة حماية المستهلك بإحدى الولايات مقهى يبيع التبغ الممضوغ غير المدخن على شكل شطيرة أو ساندويتش! وغيرها الكثير والكثير من الحالات التي يتم فيها التعدي على صحة المُواطن والمُقيم، تقوم بها أيادٍ لا توجد لديها قيم أو مبادئ سواء الربح المادي دون أي اعتبار لأي ضرر يصيب صحة الإنسان.

ولأهمية وقف التجاوزات الخطيرة التي تستهدف الغذاء الذي يقدم لأفراد المجتمع، بحيث نستطيع توفير رقابة لكل مواقع بيع وتجهيز وتخزين الغذاء على مدار الساعة، أتمنى توظيف جديد للشباب المختصين في عمليات الرقابة الغذائية، بهدف تحقيق نسبة كبيرة من المتابعة للمنشآت التجارية التي تجهز وتخزن الغذاء، وأن لا يكون التوظيف كما شهدته المرحلة السابقة من تكدس موظفين في مؤسسات لا تحتاج لذلك العدد، في حين وجود نقص كبير من المُوظفين في مؤسسات بحاجة ماسة لكوادر مُتخصصة مثل التفتيش والرقابة على الغذاء، وأن لا يكون التوظيف كما شهدته المرحلة السابقة من تكدس موظفين في مؤسسات لا تحتاج لذلك العدد، في حين وجود نقص كبير من الموظفين في مؤسسات بحاجة ماسة لكوادر متخصصة مثل التفتيش والرقابة على الغذاء.. وأمنية أخيرة، نأمل إيجاد هيئة مستقلة للغذاء تتولى عملية الإشراف على جودة وسلامة الغذاء من أجل توفير بيئة غذائية صحية، على أن تتولى هذه المؤسسة مسؤولية المتابعة والمراقبة لجودة وسلامة الغذاء بكل احترافية وبصورة مهنية متخصصة.