علي بن بدر البوسعيدي
نسمع بين الحين والآخر عن تعرض مُؤسسات صغيرة ومتوسطة يملكها رواد أعمال عُمانيون، للخسائر أو الإفلاس أو الإغلاق، وفي بعض الأحيان أيضاً عن دخول أحدهم السجن نتيجة لعدم قدرته على الوفاء بالالتزامات المالية من أقساط بنكية وغيرها، وذلك كله بسبب التحديات الاقتصادية التي خلفتها أزمة فيروس كورونا، بجانب المشكلات الاقتصادية الأخرى، من زيادة الرسوم أو فرض ضرائب جديدة، بجانب تراجع الإنفاق الحكومي.
الحق أن التدخلات الحكومية الأخيرة لدعم وتحفيز رواد الأعمال من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ساهمت بدرجة ما في تخفيف حدة الأزمة عليهم، لكن يبقى الوضع كما هو عليه، نتيجة لحالة الركود الاقتصادي العام، في ظل عدم وجود خطة واضحة المعالم لتوسيع أنشطة القطاع الخاص، وتمكينه ليقود مسيرة التنمية في المرحلة المقبلة، خاصة وأننا نمضي قدماً في تنفيذ الرؤية المستقبلية "عمان 2040"، لكن ما زال القطاع الخاص غير قادر على القيام بالدور المنوط به، والذي تحدده الرؤية الوطنية من أجل توفير الوظائف وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق التنويع الاقتصادي المأمول.
ولا شك أنَّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل جزءا أصيلا من القطاع الخاص، الذي ينبغي توفير كل سبل الدعم من أجل تنميته وتطويره وتوسعة نشاطه، فمثل هذه المؤسسات حول العالم هي التي توفر الوظائف وهي التي تعزز دخل الدولة، وتدعم نموها الاقتصادي، من خلال تنوع أنشطتها في شتى المجالات، وقدرتها على توظيف أعداد كبيرة من العاملين، ومن ثم تعزز القوة الاستهلاكية في المجتمع، التي بدورها تحقق الأهداف الاقتصادية المنشودة.
والبرنامج التمويلي الطارئ الذي جاء بتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- هدف إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لكننا نأمل أن يتوازى مع هذا البرنامج برنامج آخر يهدف إلى تعزيز نمو المؤسسات القائمة، فالهدف لا يجب أن يكون فقط حماية الشركات المهددة بالإفلاس أو الغلق، وهو هدف مطلوب، بل أيضاً يكون الهدف تنمية المؤسسات القائمة، وتمكينها من النمو المستدام، لتفادي أي تحديات اقتصادية قد تظهر في المستقبل، ولنا في جائحة كورونا العظة والعبرة.
هنا يأتي دور المؤسسات التمويلية في الدولة، وخاصة المؤسسات التي تقدم تمويلًا ميسرًا بأقل سعر فائدة ممكن، لكي تساعد رواد الأعمال على توسعة مشاريعهم القائمة ومن ثم تعزز من قدرتهم على توظيف المزيد من الشباب الباحث عن عمل، فالمؤكد أن الحكومة والقطاع الخاص التقليدي لن يستطيعا توفير العدد المرجو من الوظائف سنويًا، خاصة وأن التحديات الاقتصادية ما زالت قائمة.
إننا ننشد مستقبلاً واعدًا لرواد الأعمال في مؤسساتهم الصغيرة والمتوسطة، وعلى كل مؤسسات الدولة وكذلك الشركات الكبيرة في القطاع الخاص، أن تقدم كل سبل الدعم والتحفيز لهذه المؤسسات، وعلى كل مواطن أن يعمل على شراء منتجات هذه المؤسسات الوطنية، كي نحقق ما نريد.