ناصر بن سلطان العموري
عن أنس- رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا"، هذا حديث نبوي شريف يحث على التيسير للناس من خلال تبسيط الإجراءات وتذليل الصعاب؛ لتسهيل الحصول على احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن، وإدخال البشارة والسرور على الغير من خلال بث الأخبار المفرحة والسارة بما يُضفي على حياتهم الراحة والطمأنينة حتى وإن كانت الأمور بالغة الصعوبة نتيجة لظروف شتى، فبث الاطمئنان مطلوب وضروري، فالبعض يتخوف وما يزيد من مخاوفه الإشاعات المتداولة التى يسمعها من هنا وهناك.
والمستغرب ما ظهر في الآونة الأخيرة من تصريحات غريبة عجيبة من قبل بعض المسؤولين ارتدت بالسلب على الرأي العام، لا سيما من قبل العامة؛ حيث زادت تلكم التصريحات من الخوف والهلع لديهم، أكثر مما هو حاصل؛ فالوضع الراهن لا يحتاج لتصريحات سلبية حتى وإن كان بها جانب ضئيل من الصحة، نعم نُطالب بالشفافية والوضوح، لكن ليس بتلك الصورة المفزعة المُقلقة، مما قد تولده هذه التصريحات من استياء وعدم رضا لدى الرأي العام، وقد يرتد عكسيًا من خلال أفعال غير مقبولة، أو مستساغة لدى البعض ولا حتى محمودة العواقب.
فكان من المفترض مراعاة ردة الفعل العكسية التي سوف تولدها مثل هذه التصريحات، والعجيب أنها تتنوع وتتلون باختلاف القائل أو الموضوع؛ فهناك تصريحات ربما تزيد الوضع سخونة، وأخرى استهزائية تزيد الوضع سخطًا، وغيرها تصريحات تدل على عدم اكتراث قائلها بما يُعانيه الشعب من فرض الضرائب ورفع الدعم عن قطاعي الماء والكهرباء أو فيما يتعلق بقانون الأراضي الجديد وغيرها.
السؤال هنا: ألم يحصل هؤلاء المسؤولون على دورات تخصصية، وبرنامج تدريبي تأهيلي في كيفية مواجهة وسائل الإعلام وكيفية التصريح الأمثل عبر القنوات الإعلامية؟ أم أن هناك توجه لدى البعض لرفع سقف التنبؤ السيئ من خلال التصريحات غير المدروسة للتمهيد والاستعداد للقادم الذي قد يكون أقل سوءًا مما ذكر؟ وهذا ما يُطلق عليه معرفة "رجع الصدى" من قبل المتلقي للخبر وهو معمول به في العديد من الدول.
أعتقد أنَّ استحداث وظيفة "المُتحدث الرسمي" لكل جهة لاسيما الخدمية منها، بات أمرًا حتميًا لابُد منه، خصوصا بعدما سمعنا العديد من التصريحات المُلبدة بغيوم التشاؤم من قبل بعض المسؤولين، فالمسؤول- وإن كان حديث العهد بمؤسسته- فمن الطبيعي ألا يكون عنده ذلك الإلمام الكافي وربما يقع في فخ بعض الأسئلة المُراد منها دس السم في العسل، وعوضاً عن إطلاق تصريحات استفزازية عليه أن يتفرغ للقيام بدوره الرئيس المناط به، من خلال رسم سياسة وحدته الحكومية، ومتابعة تنفيذ سياستها على أرض الواقع وهذا من المفترض أن يكون دوره الأصيل.
المتحدث الرسمي قد يذكر نفس البيانات والمعلومات، لكن بحنكة وخبرة ومعرفة، مُغلفة بإطار من التفاؤل، وهنا يكمن الفارق في الأسلوب؛ فالحديث الحسن مطلوب لاستلطاف النفوس، وتشجيعها على أن القادم قد يكون أجمل، متى ما توافرت المقومات لإنجاحه.
علينا هنا العمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم- المقدم ذكره في بداية المقال- في كل مناحي الحياة؛ سواء أكانت مهنية أم اجتماعية، فالكلمة لها وقع على النفس أشد من وقع الحسام المهند.