ضحي وحرية الرأي

 

سالم بن نجيم البادي

 

جاء في المادة 35 من النظام الأساسي للدولة أن حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون، وحين يُعبر المواطن عن رأيه بحرية وصراحة وشفافية فإنه ينطلق من حبه لوطنه وللإنسان الذي يعيش على أرض الوطن العزيز الغالي.

لا أحد يستطيع التشكيك في وطنية الفرد لمجرد أنه يبدي رأيه في شأن عام من شؤون الوطن، أو حتى إذا انتقد أداء وزير أو مسؤول أو جهة تقدم الخدمات للناس. فالكثير من الناس يخشون التعبير عن آرائهم وأخشى من تأثير مقولة شائعة، وإن كانت تُقال على سبيل التندر والدعابة، إلا أن لها أثرًا لا ريب فيه لدى فئة من الناس" أن ينتهي بك المطاف في سمائل تأكل الدال" رغم أننا دولة التسامح والمحبة والعفو وسيادة القانون، لكن في الواقع لا أحد يُرمى في البحر ولا أحد يذهب إلى السجن، إلا من يرتكب جريمة يُعاقب عليها القانون وبعد محاكمة عادلة، ولسنا- ولله الحمد- في دولة بوليسية حتى يخاف الناس من التعبير عن الرأي الذي لا يلحق الضرر بأحد، ولا يمس ذات الشخص، وإنما الأعمال التي يقوم بها بحكم وظيفته.

ولا يعد من حرية الرأي أن تُساق التهم جزافًا دون أدلة قاطعة، أو أن النقد يكون لمجرد النقد والمشاكسة وحب الظهور وطلب السمعة والشهرة ومن باب "خالف تُعرف"، وليس بين المواطن والمسؤول عداوة شخصية، ولا يمكن شخصنة القضايا، وإلا فإن محل القضايا الشخصية هو ساحات المحاكم والخضوع للقانون.

وفي حادثة الطائرات الهندية 13 طائرة ألقت بحمولتها من الركاب في مطار مسقط الدولي في وقت ذروة انتشار الوباء في الهند، هذه الحادثة أثارت جدلاً واسعا في المجتمع، وتساءل الكثيرون لماذا سُمح بدخول هذه الطائرات؟ ربما كانت هناك مبررات منطقية، سلمنا بهذا، وقد قضي الأمر وقد ترك الناس يتكلمون ويتساءلون وكما كل مرة سوف يسكتون بعد حين.

كنا نتمنى وجود متحدث رسمي باسم الحكومة، يعقد مؤتمراً صحفياً كلما انشغل الرأي العام بقضية ما، ليجيب على كل التساؤلات التي تدور في أذهان الناس بكل شفافية ومصداقية، مثل قضية الطائرات الهندية والقضية الساخنة الآن وهي ما يُشاع عن بيع وثائق ومقتنيات السلطان قابوس- رحمه الله- في المزاد، وقضية الخضراوات والفواكة القادمة من لبنان بعدما اعترف أحد المزارعين في لبنان برفض الاتحاد الأوروبي استقبال المنتوجات الزراعية اللبنانية لعدم مطابقتها للمواصفات الأوروبية، وهل تم اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من صلاحية هذه الخضراوات والفواكه للاستهلاك عندنا، وأنها لا تُشكل خطراً على صحة الناس؟ إلى جانب قضايا أخرى كثيرة.

تأخرت لقاحات كورونا وقد سئم الناس من التبريرات المعتادة؛ وهي لا تهمهم بقدر ما يهمهم سرعة حصول كل أفراد المجتمع على اللقاح، وقد تأخر اللقاح أكثر مما ينبغي والطيور طارت بأرزاقها.

ونرجو من معالي الدكتور وزير الصحة تعيين متحدث باسم الوزارة، حتى يتولى الرد على استفسارات الناس.

ارتفاع قيمة فحص كورونا له آثار سلبية، فعندما يمتنع أفراد المجتمع عن الذهاب إلى الفحص لعجزهم عن دفع قيمته المرتفعة، قد يودي ذلك إلى انتقال العدوى، وفي إحدى الولايات يوجد مركز طبي واحد يقدم خدمة فحص كورونا بسعر 25 ريالا!

لماذا يتم إلقاء كامل اللوم على المواطن في موضوع كورونا؟ وهل الجهات الحكومية ذات الصلة معصومة عن الخطأ والتقصير وسوء التدبير؟

لا تكون "الرهوة" على المواطن الذي تكالبت عليه الظروف الصعبة دفعة واحدة؛ مثل جائحة كورونا وتبعاتها، والتوظيف، والتسريح، وضريبة القيمة المضافة.. وبمناسبة القيمة المضافة، نرجو من الجهات المعنية وهيئة حماية المستهلك أن تفتح عيونها جيداً، فقد باتت كلمة ضريبة تُلاحق المواطن في كل مكان، وأصبح المواطن في حيرة لا يعرف ما هي السلع التي تشملها الضريبة؟ وما هي السلع المعفاة؟ والخوف من أن كل بائع يركب الموجة ويفرض ضريبة من تلقاء نفسه خاصة على عوام الناس.

***

السنة الدراسية على وشك الإنتهاء ولا أحد يدري هل تنجلي جائحة كورونا أو تستمر للعام الدراسي المقبل، ويستمر معها التعليم عن بُعد، فهل نسمع في العام المقبل أن كل شبر في عُمان تمت تغطيته بإنترنت فائق السرعة ومتاح بأرخص الأسعار حتى يتمكن الطلاب من الدراسة عن بُعد بسهولة ويسر، وهل أن الجائحة انتهت فإنه لاغنى عن الإنترنت في كل الأحوال، وشركات الاتصالات خدماتها متواضعة وأسعارها مرتفعة، مقارنة بأسعار خدمات شركات الاتصالات في الدول الأخرى.

***

وسائل الإعلام لا ندري إن كانت منحازة إلى الناس البسطاء، أم أنها تلتزم الحياد؟ وهل وظفت هذه الوسائل المادة 35 التوظيف الأمثل؟

***

لدى الناس شكوك، ويخافون أن يطول الانتظار حتى يتم تطبيق الخطط، وأن يصيب هذه الخطط ما أصاب خطط سابقة من تحديات وعثرات. ويأملون أن تؤتي خطة التوازن المالي أكلها قريبا، وينتهي زمن شد الأحزمة على البطون، وأن تكون أعداد الوظائف المُعلن عنها حقيقية ويشعر بها كل باحث عن عمل.

***

من المؤسف حقا أن نجد من ينصّبون أنفسهم حراسًا للوطنية، ويقومون بتوزيع صكوك الوطنية، فإن كنت صامتًا أو محيادًا أو مادحًا للحكومة على الدوام وفي كل الأحوال "وتبصم بالعشرة بأن كل شيء زين وتمام وعلى ما يرام والأمور طيبة والله يخلي الحكومة ماشي قاصر علينا"، فأنت وطني بامتياز! وإن انتقدت أداء بعض الجهات الحكومية فأنت غير وطني ومتشائم وسلبي؛ بل ومحرض، وأنت تجيّش العواطف وتبث الأفكار "الهدامة"، والأخطر من كل ذلك أن يتم  اقحام موضوع الأمن والمخاطر الأمنية.

وحتى عندما تثني على تجارب ناجحة في دول أخرى وتتمنى الإستفادة من هذه التجارب، فأنت تُمجد تلك الدول، وأنت تنفذ أجندة خارجية، وقد تكون ضحية الإعلام المعادي، وترزح تحت تأثير "الذباب الإلكتروني"، ولا يستبعد أن تُتهم بأنك "بوق" لتلك الدول، و" أنت يا غافل لك الله" ، لا تفهم حتى معنى هذا الكلام الفخم الكبير المطاط والحمال أوجهًا كثيرة!!

ضحيّ وأقرانه قلوبهم نقية وصافية وعامرة بحب الوطن، ولا همَّ لهم غير مصلحة الوطن والمواطن.