طالب المقبالي
لا أدري لماذا أصبحت أسترجع ذكرياتي الماضية في هذه الفترة بالذات، وتحديداً تلك الحقبة من حياتي التي قضيتها في العمل الإعلامي والصحفي.
فلعل تقاعدي من عملي الأساسي والشروع في إعادة تدوين الأحداث المُهمة التي شهدتها في حياتي، والتي تمثل الصحافة فيها حقبة من الزمن ليست بالقصيرة وهي ثلاثة عقود ونصف العقد، بدأت منذ عام 1985 بدءًا من وكالة الأنباء العمانية، مروراً بإذاعة وتلفزيون سلطنة عمان وبعض الصحف العمانية، وانتهاءً بجريدة الرؤية، وصحيفة النبأ الإلكترونية.
في وقت سابق كتبت عن مسيرتي الإعلامية وقصتي مع وكالة الأنباء العمانية وبقية وسائل الإعلام. أما اليوم فسوف أتطرق إلى حقبة هامة في حياتي الصحفية التي قضيتها مع جريدة الرؤية الغراء، التي أفتخر أنني أنتسب إليها كصحفي معتمد بمحافظة جنوب الباطنة.
في مقال سابق ذكرت القصة والصدفة التي أدت إلى التحاقي بجريدة الرؤية، وهنا لسنا بصدد تكرار تلك القصة، ولكن سأتطرق إلى جانب مهم من بداية العمل في هذه الجريدة الرائعة التي يقودها المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير الجريدة. لقد بدأت بنشر الأخبار المعتادة، وذات يوم قررت زيارة مبني الجريدة لأطلع على سير العمل في الجريدة وأتعرف على طاقمها الذي سأتعاون معه. وتم تحديد موعد الزيارة، فعند وصولي إلى المبنى تم استقبالي بحفاوة حاتمية معهودة عند المكرم حاتم، فبعد التكريم تم اطلاعي على جميع أقسام الجريدة.
فمن خلال الجولة والشرح من الإخوة والأخوات تعرفت على مشروع كبير تقوم به الجريدة في بعض المحافظات وهو ملف "ولاية وقضية" الذي يعد بمثابة تقرير استقصائي موسع من صفحتين يضم في محتواه 2500 كلمة بما يعادل خمسة مقالات صحفية، وقد خُصص لكل ولاية أسبوع، وكانت ولاية الرستاق غائبة عن هذا الملف، فطلبتُ إشراكي في إعداد هذا الملف عن ولاية الرستاق.
ونظراً لما لمسته مني إدارة الرؤية من قدرات في صياغة الأخبار والتقارير، تم تكليفي بإعداد ملف ولاية وقضية عن ولاية الرستاق وبقية ولايات المحافظة، وتم إطلاعي على بنود التقرير، والتي تتمثل في نبذة موسعة عن المحافظة، ثم التطرق إلى المشاريع الخدمية التي تم الانتهاء منها بتفاصيلها الكاملة وتكلفتها المالية، كذلك المشاريع قيد الإنشاء بتفاصيلها الكاملة وتكلفتها، كذلك المشاريع المستقبلية التي اعتمدت ولم يبدأ تنفيذها مع ذكر جميع التفاصيل المتعلقة بها، مما يتطلب إلى عمل لقاءات مع المسؤولين الحكوميين المعنيين بالأمر، وعمل لقاءات مع أفراد في المجتمع ممن تعنيهم القضية.
وقبل عودتي إلى البلاد وضعت الخطوط الأولى لأول ملف عن ولاية الرستاق، وبعد العودة شرعت على الفور في إعداد الملف وكان عن منطقة الرمانية بولاية الرستاق التي تعيش على صفيح ساخن من خطر المساكن العشوائية للعمالة الوافدة من العزاب بين مساكن المواطنين.
وقد تطرقت في مقال سابق بعنوان "الذكرى الرابعة مع الرؤية" عن هذا التقرير ضمن سرد قصتي مع الرؤية حيث قلت: "فقد أعددت تقريراً يشتمل على 3565 كلمة وليس 2500 فقط، وأجريت حوارات مع 9 أشخاص ولم أكتفي بستة، وقد تضمن تقريري آنذاك نبذة عن محافظة جنوب الباطنة وعن ولاياتها الست، وعن المشاريع الجاري تنفيذها والمشاريع المعتمدة والتي لم تنفذ، وقد خرج التقرير بصورة أذهلت الجميع بمن فيهم المكرم حاتم الطائي شخصياً الذي اتصل بي هاتفياً فور الانتهاء من البروفة الأولى للتقرير وأرسلها لي عبر الواتس آب لمراجعتها".
ملفات ولاية وقضية هي التي قربت جريدة الرؤية من المواطن وعرفته بها أكثر وأكثر، كما قربت بين الصحفي والمواطن، وأفراد المجتمع عامة.
لقد حققت ولاية وقضية إنجازات كبيرة في حل كثير من القضايا المجتمعية، وسلطت الأضواء على قضايا هامة في المجتمع، وما زال القارئ يتساءل عن أسباب توقف هذه التقارير التي اعتبرها متنفساً ووسيلة لإيصال صوته إلى الجهات المعنية.
هذه واحدة من قصص مسيرتي في عالم الصحافة، وما زالت القافلة تسير في هذا المضمار ولا يوقفها إلا انقضاء العمر.