فايزة سويلم الكلبانية
مشروع "فك كربة".. تلك المبادرة التي يترقبها كل من يعقدون آمالهم على جهود أعضائها لفك كربتهم أو كربة شخص عزيز عليهم، أوصلته ظروف الزمان إلى خلف قضبان السجون، وبقوا لا حول لهم ولا قوة؛ كونهم لا يملكون ما يفك أسرهم سوى فرج من الله قريب، أو فاعل خير يمد يده متبرعًا، ينشد الأجر وحسن الدعاء.
واليوم.. "فك كربة" قد تكون فرجا لأحدهم؛ كونها إحدى المبادرات التطوعية التي أطلقتها جمعية المحامين العمانية منذ سنوات، وحققت نجاحا باهرا، وحظيت بتفاعل مجتمعي كبير من قبل الأفراد والمؤسسات، ولطالما تمنَّى الكثيرون أن تستمر هذه المبادرة على مدار العام، وأن تحظَى باهتمام الجهات المختصة، أو أن يتم تبنيها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية؛ كونها تستهدف فك كربة أكبر عدد ممكن من السجناء المعسرين، وغالبا ما يكونون أناسًا أفاضل، ولكنَّ الظروف قد تكون خارجة عن الإرادة وللحياة عثرات، ولسببٍ مَا أودتْ بهم الظروف إلى السجن، فتقوم المبادرة بسد مديونياتهم، وضمان عودتهم لعائلاتهم معززين مكرمين.
اليوم.. كم نحن بحاجة لمواصلة جهود فريق "فك كربة" ودعمه من مختلف المؤسسات والأفراد لمواصلة الرسالة، وتحقيق الأهداف المرجوة، فكم من مُسرَّحين من أعمالهم يستغيثون لإنقاذهم قبل أن تسوقهم أوضاعهم إلى السجون بسبب تراكم الديون عليهم، إلى جانب من هم يعانون سلفا من ظروف الحياة وقسوتها، تحية للقائمين على "فك كربة"، وألف تحيه للداعمين لهذه المبادرة.. ودعوة نقدمها اليوم لكل مقتدر -من أفراد ومؤسسات- للمساهمة في استمرار جهود "فك كربة" ولو بالشيء القليل؛ فالبركة في الجماعة والتكافل الاجتماعي.
والشيء بالشيء يُذكر، فإنَّ الجمعيات التطوعية والفرق الخيرية تبذل على مدار العام الكثير من الجهود لمساندة المعسرين والمحتاجين، كما تعمل جاهدة على مؤازرة المسرحين من أعمالهم، والوقوف إلى جانبهم وأسرهم في قضاء حوائجهم ومديونيات البعض.. فتحية شكر وتقدير لمبادرات الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية المنتشرة بكافة محافظات السلطنة، ولا نُبالغ إذا ما قلنا بأنَّ حِراكها في الميدان والوقوف على احتياجات المواطن قد يفوق دور وجهود الجهات المعنية.
وفي هذا السياق، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، نذكر مبادرة 50 ألف ريال عماني، التي أطلقتها جمعية الرحمة لرعاية الأمومة والطفولة؛ حيث تهدف المبادرة إلى دعم الباعة العمانيين المتأثرين بقرار الإغلاق، وتقليص ساعات الحركة خلال الفترة المسائية لباعة المشاوي بكافة أنواعها، ممن يبدأ نشاطهم في الفترة المسائية، ويمتلكون تصريحا حديثا من البلدية، وتشمل مبدئيا ولايتي مطرح والسيب. ونأمل أن تمتد لتغطي كافة المحافظات لتعطي نوعا آخر من أنواع التكافل الاجتماعي.
لم نكُن نأمل يومًا أن تقوم الجمعيات الخيرية، وفاعلو الخير أو مشاهير التواصل الاجتماعي، بالدور الميداني الذي نترقبه من بعض المسؤولين والجهات ذات الاختصاص، لكننا نعي اليوم أيضا أنَّ جهودنا جميعا مكملة لبعضها البعض من أفراد ومؤسسات، حكومة وقطاعا خاصا وشعبا، مواطنين ومسؤولين، فاليد الواحدة فعلا لا تصفق، فلنوحِّد الجهود، ولنتكاتف جميعا صفا واحدا نساند بعضنا البعض لنخرج من هذه الأوضاع بأقل الخسائر ماديا ومعنويا، ولنتخذ من مواقف القائد الخالد بحكمته السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مثالا للتكاتف مثلما كان الوضع في التغلب على ما خلفتة الأنواء المناخية "جونو"، وغيرها مما مر على السلطنة من الشمال إلى الجنوب.. عمان ترتقي بأبنائها الأوفياء.