طالب المقبالي
عندما تعصفُ الظروف التي تُسبِّبها عوامل الطبيعة والأزمات الأخرى، تتأزَّم الدول والحكومات؛ فتتراكم الأزمات، وتسد الأبواب في وجهها، تلجأ الدول والحكومات إلى وسائل شتى لتخطي تلك الأزمات، إلى أن ترسو السفن على شاطئ الأمان.
فتلجأ بعض الحكومات إلى فرض الضرائب، وتخفيض الرواتب، ورفع الدعم عن بعض الخدمات، وقد تلجأ كثير من الدول إلى تقليل التغطية المالية لعُملتها وتخفيض عُملتها، وهذا لم يحدث في عُمان ولله الحمد.
ورغم الظروف التي عصفتْ بجميع دول العالم دون استثناء، بسبب جائحة كورونا وانخفاض أسعاد النفط إلى أدنى مستوى لها، إلا أن بلادنا عُمان -ولله الحمد- حافظت على قيمة الريال العماني الذي ما زال شامخاً في ظل انهيار العديد من العملات حول العالم.
فجميعُنا يُتابع أخبار تقلب الليرة اللبنانية وما آلت إليه من انهيار غير مسبوق، أدى إلى تردي الأوضاع التي طالت معيشة المواطن اللبناني والمقيم في تلك البلاد، وتطالعنا وسائل الإعلام هذه الأيام بخفض قيمة الدينار العراقي بنسبة 25%؛ مما أدى لارتفاع الأسعار بمثل هذه النسبة.
ونحن، ولله الحمد، الريال العماني ثابت، وأسعار السلع عندنا ما زالت ثابتةً حتى الآن، ونسأل الله تعالى أن تستمر الحال على ما هي عليه وأفضل. ومع الإعلان عن تطبيق القيمة المضافة على بعض السلع في السلطنة، والتي استثنيت منها 93 من السلع الضرورية لحياة الإنسان، ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي مُطَالِبة بإرجاء تطبيق الضريبة، أو إلغائها، في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها المواطن العماني، وفي ظل التسريح الذي طال العديد من موظفي القطاع الخاص.
هنا.. تأتي الإرادة السامية الحكيمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- بتقديم حزمة من مُبادرات الحماية الاجتماعية، التي باركها جلالته -حفظه الله- وتمثلت في تعزيز حجم الدعم المقدم لبرامج وزارة التنمية الاجتماعية المتعلقة بمعالجة الحالات المعسرة.
ويتمثَّل ذلك في إعفاء كافة المواطنين الذين يقل دخلهم الشهري عن 350 ريالا من مديونيات برنامج القروض السكنية الميسرة لدى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، كذلك إعفاء كافة المواطنين المستفيدين من برنامجي سند وموارد الرزق (سابقا) من أداء المبالغ غير المسدَّدة والمستحقة عليهم؛ حيث كان هذا يشكل عبئا ثقيلاً على كاهل المواطنين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في ظل الخسائر التي تكبَّدوها جراء جائحة كورونا، وهنا تمتد إليهم يد الأب الحنون لتنتشلهم من هذه المعاناة.
وقد شملتْ الحزمة أيضاً: قيام بنك التنمية العماني بتقديم تسهيلات مالية بدون فوائد ورسوم للعاملين لحسابهم الخاص، وتتضمن: أعمال البيع والخدمات المتنقلة، والأعمال المنزلية، وأصحاب سيارات الأجرة المرخصة للعمل في الفنادق والمطارات، ومشاريع المرأة، والعاملين في مجال الصيد، وذلك وفقا للأسس التي سوف يعلنها البنك.
هذه الفئات في أمسِّ الحاجة إلى الدعم في هذا الوقت العصيب، وهناك جوانب كثيرة غطتها هذه المبادرات؛ وأذكر منها جانبا مهما يمس جميع شرائح المجتمع؛ ألا وهو: توسيع قائمة السلع الغذائية الأساسية التي تخضع لضريبة القيمة المضافة بمعدل (0%) صفر بالمائة، من 93 سلعة إلى 488 سلعة غذائية، وهذا وصل إلى أكثر من خمسة أضعاف النسبة المقررة سابقا.
ولم تتوقَّف المبادرة عند هذا الحد؛ إذ شملت تحمُّل الحكومة تكلفة ضريبة القيمة المضافة المفروضة على خدمتيْ الكهرباء والمياه لكافة المواطنين الذين يمتلكون حسابيْن أو أقل من الفئة السكنية، ويشمل ذلك الأسر التي تم استهدافها مسبقا بالدعم الحكومي للخدمتين.
كذلك زيادة كمية الوقود المدعوم والمستهلك من قبل حاملي بطاقة الدعم الوطني من 200 لتر إلى 400 لتر شهريًّا، وقيام الحكومة بتحمل تكلفة ضريبة القيمة المضافة عن تلك الكمية؛ بحيث يبقى بذات السعر المدعوم والبالغ 180 بيسة للتر.
فالإرادة السامية تضع نصب عينها مصلحة المواطن وتلمس احتياجاته، وتذليل الصعاب التي تعكر صفو حياته، سعياً منها لتوفير العيش الكريم للمواطن في ظل العهد الزاهر والمتجدد الذي يقود مسيرته الظافرة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.