تهيئة الطفل نفسيا وجسديا للصوم

رحمة بنت منصور الحارثية

* إخصائية نفسية

الصوم له فوائد عديدة؛ منها: روحية وتربوية ونفسية وجسدية وصحية، وأسلط الضوء هنا على التهيئة النفسية والجسدية للطفل؛ كأنْ يقوم أحد الوالدين بجلسة أسرية يتحدثون بها عن ذكرياتهم مع الصيام وفضائله، وتخصيص مكافآت رمزية لتشجيعهم وإشراكهم في الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل، بدءًا من تزيين المنزل؛ حيث يقوم الطفل بصنعها تضفي بهجة وتدخله في جو الصيام، ووضع برنامج أسري لوقت الفطور والسحور والصلاة وقراءة القرآن وبرنامج ترفيهي.

يصُوم الطفل لرغبة ذاتية؛ كونه يرى من حوله يصومون ورغبة والديه في تعويده على الصيام، ولا بُد من تهيئة الطفل نفسيًّا وجسديًّا للصوم؛ كأن يفسروا له معنى الصيام وما يحويه من معانٍ عظيمة للتحكم في النفس والعطاء والتغذيه السليمة. والتدرج في الصيام مهم جدا خاصة ما قبل سن العاشرة، فكل طفل يختلف عن الآخر من حيث استعداده الجسدي والنفسي.

ويبدأ الصيام بساعات محددة في اليوم، ومن ثمَّ رُبع يوم، ثم نصف يوم، وبعدها يوم بعد يوم أو نهاية الأسبوع. ويتخلل ذلك تشجيعه على صيامه التدريجي، حتى إذا أبدى الطفل رغبة الإكمال، تتم تهيئته منذ البداية بنظام التدرج مراعاة لسنِّه وقدرة تحمله، وأنه سيصوم مثل الكبار يوميًّا.

ويحتاج الطفل عدد ثماني ساعات من النوم؛ لذلك لا بُد أن يحصل على كفايته من النوم، كما أنَّ وجبة السحور مهمة؛ كونه في سن بناء جسدي، ويجب أن يحرص الأبوان على أن تحتوي وجبة السحور على الغذاء المتوازن. ويتناول الطفل الغذاء الصحي والسوائل التي يحتاجها جسمه، تجنباً للجفاف، خاصة في ظل تزامن رمضان مع فصل الصيف.

ولا يختلف اثنان على أنَّ للوالدين رغبة في أن يَريَا أبنائهما وهم يصومون معهما، ويغرسان فيهم مبادئ ومزايا عظيمة، إلا أنَّه من الأهمية مراعاة بنية الطفل الجسدية؛ سواء من ناحية الوزن أو إذا كانت لديه خلفية صحية تتطلب تناوله أدوية.

وإذا فاته وقت السحور وأصرَّ على الصيام، فلا بُد من تفهيمه بأسلوب مقنع بأنهما (أي الوالدين) سعداء بحبه للصوم، لكن ينبغي الاتفاق على أنَّ الصيام بالتدريج، ثم يَعِدَانه بالسماح له بالصيام في اليوم التالي كاملا.

من المُهم عدم مقارنة الطفل بإخوته، ومن هم في نفس عمره؛ فقد يكون من هو في موضع المقارنة لا يعاني من ظرف صحي أو بنيته تتحمل الصيام، ويجب أن نتقبل أبناءنا كما هم من كل النواحي.

وإجبار الطفل على الصيام يغرس لديه انطباعات سلبية عن تجربة الصيام؛ فقد تجعله في مرحلة ما -سواء هذه المرحلة التأسيسية للصيام أو أخرى- يستسلم لما تُحدِّثُه نفسه، وقد يفطر سرًّا أو علانية أو التظاهر بالصيام.

... إنَّ رغبة الطفل في الصيام مع تكلُّفه وعدم قدرته تُقلل من تقديره لذاته وشعوره بأنَّه لا يستطع؛ لذلك التهيئة مهمة جدًّا بما يتوافق وقدرته نفسيًّا وجسديًّا. كما أنَّ إخبار الطفل إذا شعر بتعب وعدم الاستطاعة بتكملة صيامه أمر طبيعي ومطلوب، على أن يُكمل متى ما استطاع.

هكذا سنشجع أطفالنا على الصيام في حالة قدرتهم على ذلك، وكل عام والجميع بخير.. ورمضان كريم.

تعليق عبر الفيس بوك