ناصر بن سلطان العموري
رسالة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة، هي رسالة أبوية، وعِظة درية، على التكافل والتعاضد والتعاون بين أفراد المجتمع والمؤسسات الحكومية.. إنها رسالة من رمز عمان الديني لجميع أطياف المجتمع وفئاته بشكل عام، وميسوريهم خاصة، ليقوم كل منهم بدوره والبُعد عن الأنا والمصلحة الشخصية.
شعب عُمان سبقته سمعته بطيبته ودماثة أخلاقه للغريب والقريب؛ والأقربون أولى بالمعروف، ولنا في رسول الأمة -صلوات ربي وسلامه عليه- أسوة حسنة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ".
هذا نداء للمؤسسات الحكومية بالتيسير على المواطنين وعدم التشديد في الإجراءات البيروقراطية؛ فالوضع أصبح لا يحتمل؛ فقد تكالبت الظروف على من لا معين لهم سوى الله، شهر الخير والبركة رمضان على الأبواب فيسروا ولا تعسروا. فالبدار البدار يا شعب عمان؛ فهذا الوقت قد أزف وحان؛ فهناك فقير عفيف يتألم من عوز الحاجة، وهو عفيف البصر والقول، لا يطلب ولا يذكر سوى أن يكسب من قوت يومه. وظاهرة الباعة المتجولين من المواطنين انتشرت مؤخرا بشكل لافت، بعدما كنا نراها مقتصرة على الوافدين، وهذا منظر لمن يراه ويستشعره يكلم القلب ويؤلمه، والله العالم إن كان ما يتم كسبه يكفيهم ويسد رمقهم أو تراه قد لا يسد حاجتهم.
هي رسالة تعكس واقع الحال المعاش؛ فقد تغير العالم، وأبان لنا عن وجهه الموحش من غلاء المعيشة بشكل عام، نتيجة الأزمات العالمية المترادفة، وتطبيق الضرائب التى فرضتها الظروف في هذا الوقت الصعب، ومن رفع الدعم على قطاعي الماء والكهرباء والمحروقات من قبل. والعيش عليها مطلب لا يكون اختياريا كونها عصب الحياة العصرية، لا سيما في هذا العصر مستعر الحرارة؛ حيث شح الأمطار ولهيب الأجواء وتغير وسائل النقل وضرورة التواصل الإلكتروني ومنع حفر الآبار، كل ذلك جعل المواطن ملزوما بهذه الخدمات التي صارت فوترتها دون دعم وستعمُّها الضريبة القادمة لتكون أشد قسوة ووطأة.
هي رسالة لذوي الألباب؛ جاءت في صميم الفؤاد، وفي عين الصواب.
حين يتكلم رمز عُمان الديني فما بعد كلامه من كلام، ولا بعد قوله قول؛ فهناك قد بدأ الخطب الجلل وما الحل إلا بتوفيق من الله، وأمر من سلطان البلاد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فيا مولاي المفدى هؤلاء هم شعبكم.. أبناؤكم.. روح وطنكم النابض.. ووصية الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- رمز عمان الخالد، وجلالتكم بابتسامتكم المضيئة ووجهكم المنير، مفاتيح لقلوب شعبكم، الذي ينتظر منكم البشرى والفرج والعون يا صاحب الكرم والجود.