الإغلاق.. زحام النهار وهدوء الليل

سالم بن نجيم البادي

لا اعتراضَ على القرارات التي تتخذها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، هذه اللجنة التي لا نُقلِّل من الجهود الجبارة التي تبذلها، ولا نشُك في حُسن نواياها وحرصها الشديد على صحة المواطن والمقيم على أرض هذا الوطن، ورغبتها الصادقة في الحد من انتشار المرض، لكن: هل تقبل اللجنة النَّقد والحوار والمناقشة، والأخذ والرد؟ وهل أوجدت طرقًا ووسائل ونوافذَ لتلقِّي آراء ومقترحات الناس؟ وهل ترى أن بعض القرارات لم تحقق النتائج المرجوة؟

طالبنا كثيرا بأنْ يكون للمواطن رأي، وأن يُشارك في اتخاذ القرارات التي تمس تفاصيل حياته اليومية، ولو بطريقة غير مباشرة، ولا يُشترط أن يُشارك كل الناس، وفي أقل تقدير يتمُّ جس نبض الناس في المجتمع، ويسألون عن رأيهم في جدوى الإغلاق الليلي، وعن انطباعاتهم عن الإغلاق السابق، وحتى عن العقوبات التي يتعرَّض لها الذين يُخالفون قرارات اللجنة، هذه العقوبات يُعتقد أنَّ فيها شططًا وقسوةً بالغة، حين تُنشر صورهم على الملأ، والسجن والغرامة والإبعاد عن البلد إذا كان المخالف وافدًا.

لا نُبرِّر ولا نُجيز مُخالفة قرارات اللجنة، والمخالف يستحق العقوبة حتى لا يتهاون الناس ولا يستخفون بقرارات اللجنة، ومنعا للاستهتار واللامبالاة.. غير أنَّ السؤال هنا عن مدى ملاءمة هذه العقوبات للجريمة المرتكبة؟ وهل تتَّفق هذه العقوبات مع مبادئ العدالة وحتى مع حقوق الإنسان -نشر الصور مثلا؟!!

وهنا.. يبرز سؤال منطقي، وله ما يُبرِّره: لماذا لا تُنشر صور المختلسين الذين نهبوا المال العام، وعاثوا فسادا في البلد خلال السنوات الماضية؟ وصور الذين ضُبطوا في حالة تلبُّس أثناء الغش التجاري وإغراق البلاد بالبضاعة منتهية الصلاحية بعد أن تلاعبوا بتاريخ الصلاحية، ونشروا في الأسواق البضائع المقلدة؟

ويتساءل الناس -على سبيل التندُّر: هل فيروس كورونا من فصيلة الخفافيش، فلا يظهر إلا في الليل؟ وهل ذهب المختصون إلى الأسواق في النهار، خاصة بعد صلاة العصر، ليُشاهدوا ذلك الزحام الشديد في الأسواق؟ وهل يعلم أعضاء اللجنة عن ذلك الهلع لدى الناس وخوفهم من الإغلاق التام بعد رواج الحديث عن أنَّ ذروة الوباء سوف تكون في شهري أبريل ومايو؟

ومع اقتراب شهر رمضان، يتهافت الناس على شراء أغراض الشهر الفضيل من مواد غذائية وملابس للعيد ومستلزماته، الازدحام في الأسواق سوف يقل لو بقيت الأسواق مفتوحة في الليل والنهار حين يتسوَّق فئة من الناس في النهار وفئة أخرى في الليل حسب ظروفهم الشخصية، عِوَضًا عن تجمُّعهم في الأسواق في النهار أو جزء منه!!

الموظفون في الدوام أو يؤدون مهام وظائفهم عن بُعد في بيوتهم، وكذلك المعلمون والمعلمات وربات البيوت يُتابعن تعلُّم أولادهن عبر منصة "منظرة" في البيوت، ثم يأتي وقت القيلولة وإغلاق معظم المحلات التجارية وقت الظهيرة، وعادة ما تفتح المحلات بعد صلاة العصر. إذن، ما تبقى من وقت للتسوق -وهو ضيِّق- يُسهم في وجود أعداد غفيرة من الناس في الأسواق في ذات الوقت!!

إنَّ بعض التصريحات من قبيل: ذكر الثمن الباهظ للقاح، وأن من قاموا بتوفير هذا المبلغ الباهظ هم من فاعلي الخير غير مناسبة، فلا ينبغي القول إننا نعتمد على الصدقات!!

يقول ضحّي بأنَّه لا يدري، لكنه ينقل أسئلة الناس الغلابة والمساكين كما وعدهم في المقال السابق.. تَكلَّم يا ضحّي.