مِن.. وإلى!

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

مشاريع كثيرة تعوِّل عليها الدولة والشعب، ولكن تتأخَّر عن ميعادها أو تختفي، قوانين ينتظر الجمهور صدورها ولم تصدُر، مراسيم سلطانية تصدُر لإعادة هياكل مؤسسات معينة ولكن هذه الهياكل لم ترَ النور، وبعضها تأخر كثيرا، إذا لم تُؤطَّر الأعمال جميعها -أيًّا كان نوعها- بقانون "مِن.. وإلى"، سوف نتأخَّر أكثر ونخسر المال والجهد والوقت، وإذا لم يُحاسب المسؤول عن التأخير سنظلُّ مُتأخرين عن الركب، والكل سيعمل على هواه.

نعم.. هناك مشاريع كُنا نعوِّل عليها كرافد اقتصادي أو سياحي أو تجاري، لكنها لم تكتمل أو تأخرت كثيرا. ونذكر مثالًا على ذلك: مطار صحار الذي لم يكتمل منذ سنوات، ومطار مسقط الدولي الذي تأخر كثيرا، والمدينة الزرقاء التي لم ترَ النور أصلا، ومبنى وزارة التربية والتعليم الذي جُهِّز بعد موعده بسنوات طويلة...وغيرها، وقلتُ في المقدمة أيضا إنَّ هناك مراسيم سلطانية لإعادة هيكلة مؤسسات معينة، ولكن لم ترَ النور. ونذكر هنا مرسوما سلطانيا صدر في الماضي بإعادة هيكلة مكتب تطوير صحار الذي تغيَّر مسماه فيما بعد إلى "بلدية صحار"، ولم تصدر الهيكلة لسنوات طويلة، حتى جاء المرسوم السلطاني الذي أصدره حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بإلغاء قانون بلدية صحار. وها هي الحال تتكرر؛ فمنذ شهر أغسطس وحتى اليوم (8 أشهر) تنتظر المؤسسات الحكومية والموظفون والمراجعون لهذه المؤسسات هياكل هذه المؤسسات، ولم تصدُر هذه الهياكل.

كما ذكرت في المقدمة أنَّ هناك قوانين تُؤطِّر عملًا مهمًا قيل إنها سوف تصدر قريبا، ومنذ سنوات طويلة لم تصدر مثل "قانون المطبوعات والنشر"، كما أن قانون العمل لا يزال يراوح مكانه منذ عدة أشهر ولم يصدر، وهنا نقول ونكرِّر بأنه لابد من تأطير كل عمل بقانون حاسم (مِن.. وإلى) مع محاسبة المقصرين والمهملين والمتقاعسين، فلا يُعقل هذا التأخير أبدا في ظل الإمكانيات المتاحة.

أتذكَّر أنَّي كُنت أحد المشاركين ضمن مئات من المشاركين في فريق التحول للحكومة الإلكترونية قبل سنوات، وكانت إدارة الفريق المختص بهيئة تقنية المعلومات سابقا المختصة بهذا الملف قد تغيرت، وجاء فريق جديد، فقلت لهم في حينه: "إذا استمرَّ الوضع على ما هو عليه فلن تكون هناك حكومة إلكترونية حتى بعد عشرين سنة، إذا لم يكن هناك مسؤول قوي بيده السلطة ويأمر المسؤول كل مؤسسة بأنَّ لديه مدة معينة (مِن.. وإلى)، وإذا لم تطبق مؤسسته الحكومة الإلكترونية يجلس في بيته ولا حاجة لنا فيه، فلن يتحقق أي شيء، وإذا تحقق سيكون ببطء". وقتها ابتسم الحضور وكأنني عرضت ابتسامة، وفعلا ها نحن نمشي كمشي السلحفاة ولم يتحقق بالكامل حلم الحكومة الإلكترونية، بينما وصل العالم إلى الحكومة الذكية وأكثر من ذلك.

... إنَّ مبدأ المحاسبة لا بد من تفعيله حتى نرَى أثرَ العمل المقدم، وهذا سيُسهم بلا شك في تجويد الأعمال الإدارية والفنية والمشاريع الخدمية والتنموية؛ فحين يرى المجتهد ثمرة جهده، ويرى المقصِّر والمستهين عقابه، ستتغير البوصلة وتتقدَّم البلد، ولا مانع من استخدام المبدأ العسكري (الضبط والربط) لجودة العمل والمحاسبة الفاعلة.. ودمتم ودامت عُمان بخير.