"رفقًا بالقوارير"

سالم بن نجيم البادي

يُصادف يوم 8 مارس من كلِّ عام يومَ المرأة العالمي، وهي تستحقُّ الحفاواة والتكريم على مدار الأيام، هذا الكائن اللطيف الرقيق، ويتبادر إلى الذهن حين تذكُر المرأة كلُّ مُفردات الحُسن والجمال، الشروق والصباح والندى والنسيم، والماء الصافي المنساب في الجداول، الورد والأزهار في الرُّبى، الفراشات المتنقلة بين الأشجار المزهرة، الغِزلان المُنطلقة تنشد الحرية في البراري، العصافير التي تُحلِّق في السماء، المطر والغيم والقمر المنير.. المرأة الأم العظيمة جنة الأبناء في الأرض، سيل من الحنان والحب والعطاء والتضحية والأمان والسكينة والطمأنينة. الزوجة السند والمعين والرفيق في دروب الحياة المتعرجة. الابنة قُرَّة العين وريحانة الروح وبهجة القلب. الأخت الشفيقة على الأخ، الحانية على الأب، والأقرب إليك أوقات الأفراح والأتراح، والمستشار الذي لا تشك في حُسن نواياه.

والجدة هي الحبل المتين الذي يربط أواصر الحب بين أفراد الأسرة، وهي الحكايا والعِبَر والمواعظ وخبرات العمر تنقلها إلى الأحفاد بودٍّ خالص، والعمات والخالات زينة الدنيا والملجأ الدافئ، تلوذ به كلما عضتك أنياب الحياة، والمرأة الحبيبة الملهمة.

وبعد كل هذا الضياء والنور الذي تنثره المرأة في ثنايا الكون، يأتي "سي السيد" الرجل الشرقي، لا أقول كل رجال الشرق وإن كانت بعض النساء -عَفَا الله عنهن- يتَّهمن كلَّ الرجال، والتعميم ظلم، وأنا هنا عاتب على من قُمن بالتغريد في يوم المرأة العالمي يتَّهِمن كلَّ الرجال بظلم المرأة.

والوصاية على المرأة تحت ذرائع العيب والحرام، وما ذلك إلا اتباعا للثقافة المتوارثة حول النظرة الدونية للمرأة والرغبة في اقتصار دورها على أعمال المنزل ورعاية الزوج وتربية الأبناء، وهذه أدوار رائعة ولا بأس بها، ولكن هذا لا يعني أنْ تحارب المرأة حتى لا تقوم بأدوار أخرى، ويجب أن تترك لتنطلق في آفاق الإبداع، وهي إن أتيحت لها الفرص قادرة على منافسة الرجال في كل المجالات التي تتَّفق وطبيعتها وتكوينها الجسدي، والشواهد لا تُحصى على قدرة المرأة على العطاء بلا حدود، والتميُّز المدهش الذي قد يعجَز عنه كثير من الرجال، فقط امنحوها الحرية التي تستحق، وحققوا لها المساواة التي لا تُخَالف شرع الله، واضربوا بيد من حديد على من يَمتَهِن كرامة المرأة، ويستخف بقدراتها، وغلِّظوا العقوبة على من يُمارس العنف ضد النساء.. أخاطب أهل السلطة، ومن بيده سن القوانين.

الأكثر قراءة